المساء
مؤمن الهباء
قرض الصندوق.. لا يكفي
من المفترض أن يفتح مجلس النواب ملف الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن هذا الأسبوع.. هناك أسئلة وطلبات إحاطة موجهة لرئيس الوزراء وبعض الوزراء حول الأسعار والأسواق.. والحمد لله ليست هناك استجوابات في جدول الأعمال.
لا أخفيك سرا.. الأمل ضعيف جدا في حدوث أي تغيير.. ولن تكون هناك مفاجآت.. كلام يعقبه كلام ثم تهديد ثم رد علي التهديد.. وأخيرا تنتهي الجلسة بكلام يعقبه كلام.. ولن نخرج من هذه الجلسات بأي شيء جديد.
وهل نحن ننتظر جديدا؟!
نعم.. ننتظر أن نعرف بالتحديد أوجه إنفاق قرض صندوق النقد الدولي.. أين سيذهب مبلغ الدفعة الأولي 2.75 مليار دولار بالتفصيل.. فنحن الذين سنسدد هذا القرض من قوتنا.. وأبناؤنا من بعدنا.. وننتظر أن نعرف مصير طلب القرض الذي طلبته الحكومة من كل من أندونيسيا وكوريا الجنوبية.. الشفافية مطلوبة.. ومريحة لكل الأطراف.. حتي لا تترك مثل هذه الأمور الحساسة للشائعات ومروجيها.
وننتظر أن نعرف الآليات الجديدة التي وضعتها الحكومة للسيطرة علي انفلات الأسعار.. بعد أن رفضت التسعيرة الجبرية والسعر الاسترشادي.. وتركت الفرصة كاملة للتجار الجشعين والسماسرة كي يمارسوا فنونهم المعروفة لامتصاص دم المستهلك بشكل مبالغ فيه.. وغياب أجهزة الرقابة.
لقد مرت بنا تجربة رائعة.. حين اتخذ اتحاد الغرف التجارية في بداية هذا الشهر مبادرة بالتوقف تماما عن شراء الدولار لمدة أسبوعين.. ووقف استيراد السلع غير الضرورية لمدة 3 شهور.. وكان مردود هذه المبادرة المباشر تراجع الدولار حوالي خمسة جنيهات في يوم واحد.. وكان من المنتظر أن يجري استكمال المبادرة والبناء عليها.. لكننا فوجئنا في اليوم التالي بقرار تعويم الجنيه تماما.. وفي اليوم الثالث بقرار رفع أسعار البنزين والمواد البترولية.. وهو ما أشعل السوق ورفع أسعار كل السلع.. ولا نعرف مصير هذه المبادرة الوطنية.. هل هي مستمرة أم انتهت وانتهي أثرها؟!
صحيح.. كنا نتمني أن نكمل هذا الطريق بمنع استيراد أي سلعة لها نظير محلي.. وأن يطبق القرار علي الجميع.. ليس بهدف توفير العملة الأجنبية فقط.. وإنما أيضا بهدف تشجيع الصناعة المحلية.. وتطبيق أعلي وأرقي درجات الجودة العالمية عليها.. حتي نكتب اسم مصر في الدول الصاعدة.. لكن الحكومة اختارت صندوق النقد الدولي.. ومجلس النواب يستطيع أن يجعل مشوار صندوق النقد قصيرا ومؤقتا.
لابد أن نفكر من جديد كيف نأكل من زرع أرضنا ونلبس من مصانعنا.. ونستفيد من المنجزات العالمية في التكنولوجيا والعلوم الحديثة لتطوير وسائل الإنتاج عندنا.. حتي لا نظل عالة علي الآخرين.. ونظل مديونين لكل دول العالم.
في إمكان مجلس النواب أن يوجه الحكومة إلي طريق العدالة الاجتماعية وتقريب الفوارق بين الطبقات.. وذلك بخفض المرتبات والمكافآت المبالغ فيها التي يحصل عليها الوزراء والمحافظون وكبار موظفي الدولة.. وتطبيق الحد الأقصي علي الجميع دون استثناءات.. وخفض مواكب السيارات المرافقة للوزراء والمسئولين وأطقم الحراسة.. وترشيد جيش المستشارين في الجهاز الإداري للدولة.. وضبط منظومة الحوافز والمكافآت وربطها بالإنتاج.. وتطبيق الضريبة التصاعدية.
وحين يشعر المواطن بأن هناك إجراءات جادة لبناء الدولة وتطبيق القانون والعدالة سوف يعطي بلا حدود.. ويتفاعل مع كل خطوة تخطوها الحكومة إلي الأمام.. المهم أن يفكر المسئولون جيدا في كيفية اكتساب ثقة المواطن.. حتي يشعر بأن الدولة تعمل من أجله وليس من أجل الفئة التي تحتكر لنفسها كافة الامتيازات.
ليس بقرض الصندوق وحده تحيا الشعوب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف