جاءنى حفيدى فى زيارة. حيث أقيم فى منطقة محفوفة بالمساجد والزوايا.
كنا نتجول معاً فى حديقة المنزل. نتبادل أحاديث هادئة ساذجة. طبيعية بين جد وحفيده. حان موعد أذان العصر. ساعتها فجأة سمعنا صوتاً يشبه الانفجار. انطلق من عشرات الميكروفونات المحيطة. جميعاً فى وقت واحد. فوجئت بحفيدى يبكى وقد أصابته حالة من الذعر والهلع.
ضممته إلى صدرى مهدئاً من روعه. محاولاً طمأنته.
احترت فيما أقوله. هل أعتذر له عما أفزعه؟
هل أقول له لا تنزعج يا صغيرى. هذه مجرد تجديدات طرأت على ديننا الحميد، كيف أشرح له أن الجهل ساد فى البلاد.
تولى الجوامع والزوايا من يكابرون ويزايدون برفع العقيرة بالصوت. عن طريق الميكروفونات! لعل تسفر مكبرات الصوت فى إعلاء شأن الدين!
ينتابنى الارتباك والحرج منذ ذلك اليوم. كلما انفجرت الميكروفونات من حولى أعادتنى لذكرى ذلك اليوم. ذكرى فزع هذا الصغير مما ينعكس علىّ بشعور عميق من الاكتئاب.
الأمر نفسه يتكرر مع خطبة الجمعة. عشرات الخطب المتداخلة. تخرج من ميكروفونات المساجد فى كل حى. لا تستطيع تمييز أى منها. أو التركيز مع أحدها. تقتحم المنازل دون استئذان. لا أؤيد هنا أو أعارض الخطبة الموحدة. إنما أستنكر تلك الملوثة السمعية التى تتكرر 5 مرات يوميا. بلا بيان. ضوضاء فقط. صدقونى بلا فائدة. ماذا يضيرنا
إذا اختص كل خطيب مصليه فقط من الذين لبّوا النداء لسماع خطبته دون التلويث السمعى الذى ينشره خارج مسجده.
بلال بن رباح كان يؤذن بلا ميكروفون. كان صوته أعذب الأصوات. حينها لم تكن الساعة
قد عُرفت وقتها. كان هناك سبب لرفع الأذان. ليعرف الجميع أنه حان وقت الصلاة.
للأسف نستخدم كل اختراع جديد يأتينا من الغرب لتشويه مظاهر فى ديننا. بدأت جميلة. الأساسيات التى اعتدنا عليها قبل 1400 عام. لم تعد مصدرا لإمتاعنا. بل طورناها لتكون مصدراً للضوضاء. تعذيب المرضى والأطفال وكبار السن.
تركيا تمنع الميكروفونات. كذلك المغرب. دول مسلمة فرحة بدينها. لا تعذب به الآخرين.
النبى، صلى الله عليه وسلم، قال فى حديث شريف: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ». بالله عليكم هل كل تلك الضوضاء. الأصوات المتداخلة. الإزعاج. الاستهانة بكلمات الله. بالله عليكم هل هذا كله يمت بصلة للجمال؟