محمد جبريل
ع البحري .. علي ماذا تجري المفاوضات؟
أتجاوز ملاحظات بعض الأصدقاء في ما يتصورنه إلحاحاً علي تناول القضية الفلسطينية. هي - في يقيني - قضية قومية. تتصل بالمصير العربي في المنطقة. وبالدعاوي الأسطورية التي خفتت أصواتها بدواعي المعاهدات والاتفاقات. لكنها قائمة في مؤلفات المؤرخين الصهاينة. وكتب المدارس الإسرائيلية.
جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو رفضه لأي تدخل بين حكومته والسلطة الفلسطينية. وفي المقابل. فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلح في عودة المفاوضات بين الجانبين. شريطة أن تلتزم إسرائيل بحل الدولتين. وإيقاف إنشاء المستوطنات.
جعلت إسرائيل قطاع غزة معتقلاً بحجم مدينة للفلسطينيين. تحاصره من كل الأنحاء. وتمنع محاولات إغاثة أبنائه من أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية القاسية. في الأذهان رحلات البحر القادمة من أرجاء العالم تحمل المؤن الضرورية والأدوية. ومهاجمة الجيش الإسرائيلي لها. ومصادرة السفينة. وإعادة من فيها إلي بلادهم بعد التعرض لمعاملة شرسة. بل إن إسرائيل تدفع بطياريها - علي فترات متقاربة - للتسلي بإلقاء قنابلهم المدمرة علي سكان القطاع. وعلي ما تبقي من بناياته.
أما الضفة الغربية. فقد استطاع الكيان الصهيوني - من قبل اتفاقية أوسلو وحتي الآن - أن يبتلع معظم الأرض الفلسطينية. بحيث يبدو السؤال ملحا: علي ماذا تجري المفاوضات؟
حين يجري التفاوض علي قضية ما. فإن طبيعة القضية يجب أن تكون حاضرة: ظروفها. وملابساتها. ومدي ملاءمة الواقع للمستقبل الذي نأمله من عملية التفاوض.
بديهي أن تدور المفاوضات التي يدعو إليها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي حول أرض يمارس الفلسطينيون عليها مسئولية الدولة المستقلة.. لكن الأرض الفلسطينية - رغم تقلص مساحتها - تعاني ركاماً من المستوطنات. تقطع أوصالها. وتجعل الحياة فيها - كوطن مستقل - مستحيلة!
المستوطنات في أعلي التلال. وفي داخل المدن. وتعهدات نتنياهو أن يظل كل شيء علي ما هو عليه. عقب عودة المفاوضات.
من المهم - قبل أن يبدأ التفاوض - تقديم البيانات الدقيقة لما استولي عليه الكيان الصهيوني من الأرض الفلسطينية. ومناقشة معني التنازلات القاسية التي يطالب بها مبعوثو الغرب. من طرفي الصراع.
بصراحة. فإنه يصعب فهم هذه التنازلات نهاية لعملية التفاوض بين جانبين. استولي الأقوي علي أرض الأضعف. إلا من إرادة الصمود.
علي ماذا سيجري التفاوض؟!