الوفد
عباس الطرابيلى
الحكومة.. تقطع المياه والكهرباء.. عن الحكومة!
هل نتعامل دائماً- مع أي قضية- بمعيارين. أي بأسلوبين مختلفين؟ هذا حقيقي والدليل أن حكومتنا- وليست فقط الحالية- تتعامل فعلاً بوجهين؟!
فهي- مثلاً إذا امتنع أو عجز المواطن عن دفع فواتير المياه والمجاري.. أو فواتير الكهرباء.. فإنها تقوم بحرمانه من هذه الخدمة.. وتقوم فوراً بقطع الخدمة عنه.. ويا ويله وسواد ليله عندما يحاول إعادة هذه الخدمة، أو تلك.. حتي بعد أن يدفع.. وأيضا يدفع الغرامة علي تجروئه وتوقفه عن السداد.. ويا ويله أيضا إن حاول أن يواصل حصوله علي المياه أو الكهرباء بطريقة غير شرعية.. هنا تؤدبه شرطة المرافق.. وشرطة الكهرباء.. بل وحق الضبطية القضائية التي تتمتع بها شركات المياه وشركات الكهرباء.. أما مع الحكومة -ودعونا هنا نطلق عليها اسم «مستهلك» وهي بالفعل مستهلك لهذه الخدمة أو تلك.. فإن الأمر يختلف!!
<< فالحكومة تتأخر دائماً عن سداد قيمة ما تستهلكه من المياه والكهرباء وهي هنا- من كبار المستهلكين- أو تتعثر عن السداد، بسبب عجزها المالي وخلل الموازنة العامة.. ودائما ما تتأخر.. تماماً كما تتأخر كثيرا عن سداد حصة العاملين لديها، سواء حصة رب العمل.. أو الحصة التي تخصمها من العاملين ولا ترسلها إلي الخزانة العامة.. طيب نعمل إيه!!
<< هل نلجأ لأسلوب الإنذار: الأول ثم الثاني.. ويكون الثالث مصحوباً بقطع الخدمة عن هذا المستهلك، وهو هنا الحكومة في مبانيها العامة التابعة والمملوكة للوزارات.. أو للمحليات ومجالس المدن، وفي مقدمتها المدارس والمستشفيات ومجالس المدن والمحليات.. بل ماذا يحدث لو امتنعت وزارة الكهرباء مثلا عن توريد الغاز والديزل وغيرهما لمحطات إنتاج الكهرباء.. وهذا يؤدي إلي توقف المحطات عن العمل.. وماذا لو لجأت وزارة الكهرباء إلي أسلوب قطع الكهرباء عن أي قطاع حكومي.. لا يسدد ما عليه من فواتير.. أقول ذلك وأنا أعلم أن مشاكل عدة- بل مشاحنات- حدثت من قبل بين وزراء للكهرباء.. وزملائهم من وزراء عجزت وزاراتهم عن السداد..
<< وإذا كان المبدأ يقول: المساواة في الظلم عدل.. نقول: إما تتوقف الحكومة عن مطاردة المستهلكين «المواطنين» العاجزين عن السداد، بل وفرض الغرامات عليهم.. وإما تطبق نفس المبدأ علي الحكومة، بصفتها هي أيضا من.. المستهلكين.. وهنا ولهذه الأسباب- ولغيرها- طلب الرئيس السيسي من الحكومة أن تسدد الحكومة ما عليها من ديون لمرفقي المياه والكهرباء.. حتي تواصل هذه المرافق تقديم الخدمة لكل المستهلكين.. أو علي الأقل تقوم شركات مياه الشرب.. وتوزيع الكهرباء بإعادة تسوية هذه الديون.. أي بتقسيطها.. فالكل سواء أمام القانون.. والكل مستهلكون.. وهذا قمة العدل..
<< وأري أن تحدد هذه المرافق مدة زمنية محددة تتم فيها هذه المحاسبة.. بجانب إنشاء فرق «للمياه والكهرباء» لإعادة فحص شبكات التوزيع.. وكفي ما ضاع من إهدار.. وآه لو تعلمون كم يتكلف المتر الواحد من المياه منذ نسحبه من النيل إلي أن تسحبه حنفيات المستهلكين.. وما يضيع منها في الطريق، إذ عندنا أعلي نسبة تسرب أو إهدار في مياه الشرب.. وأيضا أعلي نسبة سرقة في المياه والكهرباء وهي تصل إلي 30٪ من إنتاج المياه مثلا.. كما تضيع نسبة كبيرة من الكهرباء المنتجة بسبب طول عمر شبكات التوزيع.. وأيضا بسبب سرقات الكهرباء. وكل هذا يتم تحت بصر وسمع شرطة المرافق.. وشرطة الكهرباء.. وعجبي!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف