الوطن
اسامة خالد
«سُك» ع التنمية
فى كل عام، ومع حلول ذكرى تحرير سيناء، تطفو على السطح أحلام التنمية وتبدأ تساؤلات الكثيرين حول التنمية المفقودة فى سيناء.. ولا أحد يجيب عن السؤال: ولماذا هى مفقودة؟ ومن أفقدها؟.. يبدو جلياً الآن أنه لا أحد يرغب فى تنمية سيناء، وليس هناك من يحلم بنهضة سيناوية غير الرؤساء فى خطبهم الجلية.

تحولت تنمية سيناء إلى سراب، كلما اعتقدنا أننا أمسكناه أفلت منا.

فى النصف الثانى من ثمانينات القرن الماضى حاول المهندس حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان وقتها، تنفيذ عدة مشروعات تنموية فى سيناء، كان منها شق طريق يربط العريش بشرم الشيخ، وإنشاء محطة تحلية مياه فى طابا، وبمجرد أن أعلن عن المشروعين جاءه السفير الأمريكى مستفسراً عن طبيعة المشروعات الجديدة فى سيناء، ولم يكتف بمجرد الاستفسار، إنما طلب إيقاف تلك المشروعات بحجة أن الإسرائيليين غاضبون منها. رفض «الكفراوى» طلب السفير، وتقريباً طرده من مكتبه -حسب رواية الوزير الأسبق- لكنه فوجئ بعد يومين باتصال من الرئيس مبارك يستفسر عن مشروعات سيناء، ولما حكى له قال الرئيس للوزير: «سُك على الموضوع ده»، ومن وقتها توقفت مشروعات التنمية وكأنها غطست فى بئر لا قرار لها، ولم نسمع من ساعتها عن أى مشروع حقيقى للتنمية فى سيناء، ما سمعناه مجرد طنطنات إعلامية فقط، وعلى الأرض لا شىء.

بعد أكثر من 25 عاماً على تلك الواقعة خرج تقرير الجهاز الوطنى لتنمية سيناء حول أداء الحكومة والوزارات فى النصف الأول من العام المالى 2014/2015 ليصدمنا ويكشف أن نسبة تنفيذ المشروعات فى 9 وزارات فى سيناء صفر.. نعم صفر كبير حصلت عليه الحكومة ومن قبلها النظام. لا أعتقد أن الحكومة، أى حكومة، قادرة على النكوص عن وعود النظام، والتراجع عن رغبة حقيقية لدى النظام للبدء فى التنمية.

الأزمة إذن ليست فى الحكومات إنما فى الأنظمة التى لا تملك إرادة حقيقة للتنمية. «سكّت» الأنظمة المصرية المتعاقبة ومن خلفها الحكومات على الموضوع.. وأغلقت ملف تنمية وتعمير سيناء بالضبة والمفتاح. اكتفت بالتصريحات الرنانة التى تخرج فى موسم الوعود السيناوية فى أكتوبر وأبريل من كل عام، واعتبرتها أفضل إنجازاتها. بالأمس خرج علينا اللواء شوقى، رئيس الجهاز الوطنى لتنمية سيناء، ليكمل سيناريو الوعود، ويعلن عن خطة الحكومة لتنمية سيناء وتهجير 8 ملايين مصرى لسيناء بحلول عام 2052. والحقيقة أننى أتساءل: كيف سيفعلها السيد رشوان -إن فعلها- ونحن نعمل الآن على تنفيذ التهجير العكسى لأبناء سيناء خروجاً وهروباً من أرض الفيروز، كيف سيفعلها وهو وجهازه لم ينفذوا أياً من الخطط المرجوة لتنمية شبه جزيرة سيناء؟ تبدو أمانى أطلقها فى موسم الوعود، «سُك على الموضوع».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف