المساء
محمد جبريل
أرقام لها دلالة
أحدث البيانات تقول: بلغ عدد المباني المخالفة بالقاهرة في نهاية 2015 حوالي 9.4 مليون مبني. ووصل إجمالي العقارات المخالفة بدون ترخيص 317 ألفا و948 عقارا.
مصدر البيانات مركز بصيرة الذي يجد في الأرقام تجسيدا لقضايا ومشكلات المجتمع.
العادة اننا نوجه الاتهام إلي المحليات. إلي رؤساء الأحياء والمهندسين وحتي صغار الموظفين وأدراج المكاتب المفتوحة لتلقي الاكراميات.. لكن الأرقام المذهلة التي يتضمنها البيان تؤكد صعوبة قصر الاتهام علي المحليات. من الصعب تصور أن يصدر هذا الكم الكبير من المخالفات عن جهاز حكومي. فهو - بهذا المعني - جهاز لتلقي الرشاوي وليس لخدمات المدن والقري والأحياء.
للفساد اقتحاماته في الإدارة المحلية. لكنه قائم أيضا في معظم الأجهزة ذات التعامل المباشر مع المواطنين. والمسئولية - بالطبع - ليست مطلقة. لم تطالعنا النيابات الإدارية باتهامات إلي وزارة أو هيئة حكومية بأن الفساد يشمل كل العاملين فيها. قد تفضح التحقيقات موظفا. أو مجموعة من الموظفين يظل عددهم - مهما كبر - محدودا. وللمحليات ايجابياتها في تطوير البيئة. ومن الظلم أن نضع كل موظفيها في نيران العقاب. لمجرد أن نلقي بالمسئولية علي الغير. ونريح ضمائرنا.
هذه الأرقام الهائلة. تعكس خطرا يهدد حياتنا. كما تهددها أخطار أخري في كل المجالات. لا تكاد تخلو منها وزارة ولا مؤسسة ولا إدارة. تعلو النسبة في موضع وتقل في موضع آخر. لكن الظاهرة الصحية. والصحيحة. هي اتساع دوائر الايجابيات في حياة المصريين. وهو ما يسهل التعرف إليه في إسهام الغالبية العظمي - مدفوعين بحسهم الوطني - في المشروعات القومية التي تهب الأمل في المستقبل.
الجرائم التي حدثت في مدي سنوات قليلة - هي جرائم بالتأكيد. ويجب محاسبة مرتكبيها - تعود إلي انتهاز الفرص الرخيصة والفهلوة وتخريم التعريفة ودهان الهواء دوكو إلي آخر الصفات التي يحاول البعض أن يثري بها علي مصائب الآخرين. فضلا عن حياتهم.
غالبية جرائم البناء حدثت - للأسف - في أعقاب ثورة 25 يناير. وجد هؤلاء المجرمون - أشدد علي الصفة - في انشغال المجتمع بإلغاء صفحة قاسية في حياته. والاتجاه إلي غد أفضل. فرصة للإثراء. ولو كان الثمن أرواح المواطنين. إنها جرائم مشابهة - وربما تفوق - بيع لحم الحمير النافقة. والخضراوات المروية بمياه المجاري. والأدوية المنتهية الصلاحيتها. والغش في مواد البناء. وتسريب الامتحانات. وتحول مزلقانات السكة الحديد إلي خطر متجدد. وتعاقب السنوات دون أن يجد المسئول في مكتبه المكيف حلا للسحابة السوداء.. والقائمة طويلة.
البيانات وحدها لا تكفي. فلابد أن ترافقها. وتتلوها. محاسبة. بحيث نكافئ المصيب. ونضع المخطئ داخل قفص الاتهام!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف