الوطن
حافظ أبو سعدة
قانون الجمعيات الجديد ومطاعن عدم الدستورية
فاجأ مجلس النواب الحكومة والمجتمع المدنى المصرى بمشروع قانون للجمعيات الأهلية تمت مناقشته وإقراره فى وقت قصير وأحيل إلى مجلس الدولة قسم التشريع لمراجعة المشروع قبل إقراره نهائياً، رغم أن الحكومة كانت قد أدارت حواراً وطنياً ضم مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات التنموية والخيرية والاتحادات الإقليمية والنوعية بالإضافة إلى الاتحاد العام للجمعيات، وقد بدأت هذه المناقشات منذ عام 2013 عندما شكل وزير التضامن فى ذلك الوقت الدكتور أحمد البرعى اللجنة العليا للعمل الأهلى وقد شرفت باختيارى منسقاً لها وقررنا أن نضم إلى المناقشات ممثلين لجهات حكومية هى وزارة الخارجية ووزارة التعاون الدولى بالإضافة إلى ممثلى وزارة التضامن، وبالفعل انتهينا إلى مشروع قانون يحقق توازناً بين مطالب تحرير المجتمع المدنى واعتبارات الأمن القومى إلا أنه لم يصدر إلى أن تم تغيير الوزارة.

وبتولى الوزيرة غادة والى المنصب دعت ممثلى الجمعيات وكلفت لجنة لصياغة القانون بعد أن وجدت ثلاث نسخ للمشروع ولاحظت وجود خلاف بين النسخ وبالفعل عملنا على المشروع وعدلنا بعض المواد استنادًا إلى ملاحظات الوزارة، وتمت إدارة حوار بين الجمعيات الأهلية فى مختلف قطاعات الجمهورية نظمه وأداره الاتحاد العام للجمعيات وبلغ عدد الجمعيات المشاركة فى الحوار أكثر من ستمائة جمعية واتحاد إقليمى ونوعى.

وفى شهر سبتمبر عقدت وزارة التضامن جلسة أخيرة لمناقشة مشروع قانون معدل وبالفعل تم إبداء ملاحظات على المشروع وأحيل المشروع إلى مجلس الوزراء الذى أعلن إحالته إلى مجلس الدولة قسم التشريع لمراجعته وفقاً للدستور.. وفى 2 أكتوبر أحال مجلس الوزراء المشروع إلى البرلمان، لذلك أعلن وزير الشئون القانونية فى البرلمان عند مناقشة قانون لجنة التضامن أن وزيرة التضامن طلبت وقف مناقشة القانون لحين تقديم مشروع القانون الحكومى إلا أن البرلمان أصر على مناقشة مشروع اللجنة ورفض انتظار مشروع الحكومة الذى تمت إدارة نقاشات مجتمعية حوله.

فى الحقيقة ليست هناك أى أسباب للعجلة الشديدة ولا لتجاهل مشروع قانون تمت المناقشات حوله التزاماً بتوصيات الأمم المتحدة أثناء مناقشة التقرير الدورى الشامل عام 2014 والذى قطعت فيه الحكومة على نفسها التزاماً بعمل قانون يتفق والمعايير الدولية للحق فى إنشاء الجمعيات وأن يشارك المجتمع المدنى فى مناقشته وأخذ رأيه، وفى الحقيقة وبالاطلاع على مشروع القانون الذى أُقِر نجد أنه يتضمن مطاعن بعدم الدستورية منها المادة 44 التى توقع عقوبة على الجمعية بوقف نشاطها بقرار إدارى رغم النص الدستورى بعدم التدخل فى عمل الجمعيات وأن أى إجراء سواء حل الجمعية أو مجلس الإدارة يجب أن يكون بقرار قضائى، أيضاً النص على وجود عقوبات سالبة للحرية فى قانون ينظم حقاً دستورياً وهو الحق فى التنظيم أيضاً يخالف الدستور، الأخطر هو تقييد حق الجمعيات فى تلقى التمويل الداخلى إلا بعد الحصول على إذن قبل تلقى الأموال بـ30 يوماً وهو مخالف لكل القوانين السابقة بما فى ذلك قانون 84 لسنة 2002 حيث كان يكتفى بتلقى التبرعات من المصريين بالإخطار، وأخيراً التوسع فى إدخال الأجهزة الرقابية والأمنية إلى لجنة قومية للعمل الأهلى مما ينفى عن الجمعيات صفة المدنية أو أنها جهات غير حكومية تقوم على العمل التطوعى.

هناك مبادئ دستورية وحقوقية تغل يد المشرع عند تنظيم حق نص عليه الدستور هو أنه ينظم ولا يقيد أو لا تصل القيود إلى مصادرة الحق بأكمله، أيضاً وضع المقرر الخاص لحق التنظيم قواعد أساسية لقوانين الجمعيات تضمن حرية الإنشاء ورفع التدخل الحكومى فى عملها وحق الجمعيات فى إدارة الجمعية واختيار مجلس الإدارة وقيادتها عبر أساليب ديمقراطية وبحرية وكذلك تنمية مواردها من خلال التمويل باعتبار أنها لا تهدف إلى الربح وتقدم خدمات مجانية للجمهور.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف