الاستيراد من الأسباب الرئيسية للأزمة الاقتصادية الصعبة التى تشهدها مصر حالياً، وارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الجنيه ثم تعويمه، وعلى مدار العقود الكثيرة الماضية الحكومات المصرية المتعاقبة فتحت باب الاستيراد على مصراعيه، مما أدى إلى تدمير الصناعة الوطنية المصرية وتكوين مافيا للاستيراد استفحلت حتى أصبحت أقوى من سلطة الحكومة نفسها وتتحكم فى قراراتها، حتى وصل بنا الحال إلى استيراد كل شىء والمبالغ التى أنفقتها مصر على الاستيراد والاقتراض كانت كفيلة بإنشاء قلاع صناعية ضخمة واستصلاح ملايين الأفدنة وتطوير التعليم والصحة والبنية الأساسية، «الاستيراد هو الحل» شعار رفعته الدولة المصرية ليس فقط فى السلع ولكن أيضاً فى التعليم والصحة والسياحة، فكثير من المواطنين (ميسورى الحال) يفضلون العلاج فى الخارج وقضاء إجازتهم وأيضاً إرسال أبنائهم للتعليم، بعد أن كنا قبلة العالم فى ذلك، هى بلا شك مؤامرة على البلد ولكن بأيدٍ مصرية، أحد رجال الصناعة المحترمين بدأ حياته فى استيراد الأجهزة الكهربائية من إيطاليا، وحينما قرر التصنيع فى مصر رفضوا إعطاءه تكنولوجيا الصناعة (knew haw) وقالوا له صراحة «لن نسمح لك بذلك» لعدم إغلاق مصانعنا وتشريد عمالنا، ولكنه نجح فى ابتكار تكنولوجيا مصرية خالصة ومنتجاته حالياً تغزو أسواق أوروبا، الصانع فى كل دول العالم هو الشخص المرغوب فيه رقم واحد ويُحمل على الرؤوس، ولكنه فى مصر حرامى وفاسد وعليه عبء إثبات عكس ذلك.
لو أننى مسئول فى الدولة كنت خصصت الأراضى بالمجان للمستثمرين الجادين وأعفيتهم من الضرائب ومنحت منتجاتهم دعاية إعلامية مجانية لأنهم سوف يوفرون مئات المليارات من الدولارات التى تُنفق على الاستيراد، وكذلك ملايين فرص العمل للشباب ويحققون لمصر الانطلاقة الاقتصادية ولشعبها الرفاهية، فى هذا المكان كتبت عن إغلاق وزارة الصحة لمصنع المحاليل (المتحدون) الذى كان ينتج 60% من احتياجاتنا بسبب خطأ فى التشغيلة يحدث فى كل الدول ولا يُغلق المصنع بل إحالة المسئول للتحقيق، الوزارة أغلقت المصنع منذ عام ونصف وما زالت ترفض إعادة تشغيله، والأزمة تتفاقم وتجارة المحاليل فى السوق السوداء تزداد، والمواطنون يموتون بسبب زجاجة جلوكوز (بجنيهين)وذنبهم فى رقبة وزير الصحة، وهناك ضغوط على أصحاب المصنع لبيعه، إنه تدمير متعمد للصناعة الوطنية من أجل استيراد المحاليل من قطر والسعودية (معلومة مؤكدة) وهذا هو السبب فى عدم تشغيل المصنع، مثلما حدث مع المصنع الوحيد لإنتاج الألبان (لاكتو مصر) الذى تركه صاحبه وهاجر، ما يقال عن جذب الاستثمار لا يُطبق وما يسعى إليه رئيس الدولة يُضيعه صغار الموظفين، ولو استمر الحال هكذا سوف تعود أزمة الدولار وتستمر الأسعار فى الارتفاع لعدم وجود استثمار وصناعة وإنتاج محلى، والمسئولون فى وزارة الصحة لم ولن يشعروا بتأنيب الضمير لوفاة المواطنين بسببهم أو حتى لخراب بيوت أصحاب المشروع والآلاف من العاملين فيه، ولا حتى بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة للبلد، حيث كان يجب عليهم سريعاً حل مشاكل مصانع الأدوية الاستراتيجية المتوقفة للحد من الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية وفرص العمل، ملف الاستثمار ومشاكله يجب إسناده إلى هيئة وطنية محترمة تابعة لرئيس الجمهورية مباشرة بعيداً عن فساد الجهاز الإدارى؛ لأنه قضية حياة أو موت، وكل من تسبب فى تعطيل الاستثمار يستحق الإعدام لأنه أخطر على مصر من الإرهابيين.