الوفد
علاء عريبى
الصحف‭ ‬الورقية
لا‭ ‬أحد‭ ‬ينكر‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬خاصة‭ ‬الصحف‭ ‬اليومية،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬قامت‭ ‬ثورة‭ ‬يناير،‭ ‬وهى‭ ‬تعانى‭ ‬مثل‭ ‬سائر‭ ‬المشروعات‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬اقتصادية،‭ ‬حيث‭ ‬تأثرت‭ ‬الإعلانات‭ ‬وانخفضت‭ ‬نسبة‭ ‬التوزيع،‭ ‬وأصبحت‭ ‬أغلب‭ ‬الصحف‭ ‬مهددة‭ ‬فى‭ ‬استمرارها،‭ ‬وقد‭ ‬انسحب‭ ‬هذا‭ ‬بالتالي‭ ‬على‭ ‬مرتبات‭ ‬الصحفيين‭ ‬والعاملين‭ ‬في‭ ‬الجريدة،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬توقفت‭ ‬عند‭ ‬آخر‭ ‬علاوة‭ ‬اجتماعية‭ ‬تم‭ ‬إقرارها‭ ‬منذ‭ ‬ست‭ ‬سنوات،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الصحف‭ ‬بسبب‭ ‬سوء‭ ‬الظروف‭ ‬المالية‭ ‬قامت‭ ‬بتأخير‭ ‬المرتبات،‭ ‬أملا‭ ‬فى‭ ‬تحسن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وعودة‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬قيام‭ ‬ثورة‭ ‬يناير،‭ ‬لكن‭ ‬إلى‭ ‬متى؟،‭ ‬وهل‭ ‬ستتحمل‭ ‬بعض‭ ‬الصحف‭ ‬الخسائر؟،‭ ‬وكيف‭ ‬سيتحمل‭ ‬الصحفى‭ ‬تدنى‭ ‬راتبه‭ ‬وسط‭ ‬الغلاء‭ ‬الفاحش‭ ‬فى‭ ‬الأسعار؟‭ ‬ومن‭ ‬أين‭ ‬ينفق‭ ‬على‭ ‬أسرته؟‭
.‬ المفترض‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭: ‬هل‭ ‬مشكلة‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬تتلخص‭ ‬فى‭ ‬ضعف‭ ‬الإعلانات‭ ‬فقط‭ ‬أم‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬أخرى‭ ‬ساهمت‭ ‬فى‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية؟‭.‬ البعض‭ ‬يرجع‭ ‬أغلب‭ ‬أوراق‭ ‬الأزمة‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬المواقع‭ ‬الخبرية‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وانتشار‭ ‬البطالة،‭ ‬فكيف‭ ‬يقبل‭ ‬المواطن‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬صحيفة،‭ ‬وهو‭ ‬عاجز‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬قوت‭ ‬أولاده؟،‭ ‬والبعض‭ ‬الثالث‭ ‬يحمل‭ ‬ضعف‭ ‬سياسات‭ ‬الصحف‭ ‬مسئولية‭ ‬تردى‭ ‬التوزيع‭ ‬واختفاء‭ ‬الإعلانات‭.‬ وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية،‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬لأمرين،‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬خلالهما‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬إيجاد‭ ‬مخرج‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬الأمر‭ ‬الأول‭ ‬هو‭: ‬كثرة‭ ‬الصحف‭ ‬اليومية‭ ‬والأسبوعية‭ ‬والشهرية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬يجعل‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬تكفى‭ ‬نسبة‭ ‬الإعلانات،‭ ‬فى‭ ‬أفضل‭ ‬حالاتها،‭ ‬نفقات‭ ‬إصدار‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الصحف‭.‬
الأمر‭ ‬الثانى‭: ‬إن‭ ‬قانون‭ ‬الصحافة‭ ‬الحالي،‭ ‬ومشروع‭ ‬قانون‭ ‬الصحافة‭ ‬المقترح،‭ ‬لا‭ ‬يضع‭ ‬ضوابط‭ ‬اقتصادية‭ ‬جادة‭ ‬لإنشاء‭ ‬الصحف،‭ ‬ولم‭ ‬يتعامل‭ ‬معها‭ ‬كمشروعات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬بل‭ ‬مجرد‭ ‬نشرة‭ ‬يمكن‭ ‬إصدارها‭ ‬وإغلاقها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت،‭ ‬فقد‭ ‬سهلت‭ ‬المواد‭ ‬وتساهلت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬الصحف،‭ ‬لدرجة‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصحف‭ ‬مجرد‭ ‬سبوبة‭ ‬تصدر‭ ‬لفترة‭ ‬يحقق‭ ‬خلالها‭ ‬المالك‭ ‬أو‭ ‬الملاك‭ ‬مصالحهم،‭ ‬وأجندتهم‭ ‬ثم‭ ‬يغلقون‭ ‬الجريدة‭ ‬ويلقون‭ ‬بالصحفيين‭ ‬والعاملين‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬الطريق‭.‬ ‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يلجأ‭ ‬الصحفيون‭ ‬إلى‭ ‬النقابة‭ ‬لكي‭ ‬ترعاهم،‭ ‬وتبحث‭ ‬لهم‭ ‬عن‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬فى‭ ‬صحيفة‭ ‬أخرى،‭ ‬وحتى‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬يعيش‭ ‬الصحفي‭ ‬وأسرته‭ ‬بمبلغ‭ ‬بدل‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬وهو‭ ‬عبء‭ ‬على‭ ‬النقابة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬بسهولة،‭ ‬وعلى‭ ‬الدولة،‭ ‬وعلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الصحفي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬على‭ ‬أية‭ ‬حال‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تقوم‭ ‬بتسديد‭ ‬مرتبات‭ ‬وعلاوات‭ ‬وأرباح‭ ‬العاملين‭ ‬فى‭ ‬الصحف‭ ‬الحكومية،‭ ‬وأنها‭ ‬تخصص‭ ‬مبلغا‭ ‬من‭ ‬موازنة‭ ‬الدولة‭ ‬لدعم‭ ‬صحفها‭ ‬وإنقاذها‭ ‬من‭ ‬التوقف،‭ ‬لكن‭ ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬يفكر‭ ‬أحد‭ ‬فى‭ ‬الصحف‭ ‬غير‭ ‬الحكومية،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬الصحف‭ ‬الحزبية،‭ ‬وهى‭ ‬الصحف‭ ‬التى‭ ‬تنفق‭ ‬من‭ ‬لحم‭ ‬الحى،‭ ‬وتتحمل‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة،‭ ‬ويتحمل‭ ‬الصحفيون‭ ‬بها‭ ‬تدنى‭ ‬رواتبهم،‭ ‬وفى‭ ‬أوقات‭ ‬كثيرة‭ ‬عدم‭ ‬انتظامها،‭ ‬هذه‭ ‬الصحف‭ ‬من‭ ‬سيدعمها؟،‭ ‬وكيف‭ ‬ننقذها‭ ‬من‭ ‬التوقف؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف