المساء
أحمد سليمان
.. وسموم مصطفي حجازي
الدكتور مصطفي حجازي المستشار السابق برئاسة الجمهورية شخصية كانت في وقت من الأوقات تحظي باحترام وتقدير معظم المصريين الذين تابعوا أداءه خلال تواجده ضمن الفريق الرئاسي في وقت مضي وأنا منهم. ولكن منذ بدأ يكتب مقالات بصحيفة "المصري اليوم" وجدته يتخذ منحي يسد باب الأمل في أوجه الجميع ـ مسئولين ومواطنين ـ بل يتجاوز ذلك إلي حد الهجوم والنقد الهدام لكل خطوة تتخذها الدولة لحل مشكلاتها المتراكمة عبر عشرات السنين وبأسلوب يضعه في مصاف المعرقلين لمسيرة الوطن التي بدأت الانطلاق نحو الأفضل بحسب خبراء السياسة والاقتصاد في ظل التآمر علي مصر الذي ينكره الدكتور حجازي من الأساس.
في مقاله المنشور أمس بعنوان "الاقتصاد المصري السجين.. وقبل أن تتحول النكتة إلي محنة" أخذ يتهكم ـ بأسلوب من رصد حواراً بين الجالسين علي أحد المقاهي ـ علي ما اتخذته الدولة من قرارات اقتصادية وصفها بأنها تندرج تحت الفكر السطحي والطرح الغوغائي والتفكير بغريزة البقاء وأنها مجرد مسكنات للإغاثة ولا تسلك طريق التنمية والحفاظ علي الأمن القومي. واتهم الاقتصاد المصري الآن بأنه سجين الخوف من الإبداع والحرية وكره العدل وسجين احتكار القرار الاقتصادي في السياق الأمني والسطحية في تشخيص المشاكل الاقتصادية وفصلها عن جذورها الاجتماعية والسياسية وسجين الإصرار علي تناول قضايا اليوم بما عجز أن يداويها بالأمس. سجين النقل بلا عقل عن القديم والحديث. سجين الأحادية واحتكار الوطنية.
ولم ينس الدكتور مصطفي أن يوحي للقارئ بأنه المثقف المطلع علي التجارب الاقتصادية ودارس لكل النظريات الاقتصادية بذكره أصحابها مثل"جون ماينارد كينز" و"فريدريك فون هايك" و"توماس هوبز" و"بياتريس ويب" وجماعة الفابيان.
واختتم مقاله قائلاً إن تحرير سعر الصرف ليس هو الاقتصاد. الجباية المتمثلة في تحصيل الدولة لعائدات الضرائب والخدمات ليست هي الاقتصاد. وأن حزمة الحلول الواردة إلينا من صندوق النقد أو البنك الدولي ليست هي الاقتصاد. وأن ما يساق الآن هو جمل عاطفية مطاطة لا تنتمي لقاموس السياسة ولا المنطق ولا تؤسس ملكية لوطن ولا تحمي انتماءً له.
كان يمكن للدكتور مصطفي وهو الخبير بكل النظريات والتجارب الاقتصادية ـ كما فهمنا من مقاله ـ أن يطرح رؤية صالحة للتطبيق في ظل الظروف الاستثنائية التي تجعل مصر متفردة عن جميع دول العالم بكونها محاصرة من جهات خمس "الشرق والغرب والشمال والجنوب والداخل". بدلاً من تثبيط الهمم وتيئيس الناس وإصابتهم بالإحباط. في الوقت الذي بدأت فيه الإجراءات الاقتصادية الأخيرة تؤتي ثمارها.
إذا لم يكن رجل بقيمة الدكتور مصطفي حجازي قادراً علي التفريق بين المعارضة البناءة والمعارضة الهدامة في وقت يتعرض فيه الوطن لحروب شتي من أعداء شتي فليس أقل من أن يكف الناس عن سمومه التي لا تقل عن تلك السموم التي يبثها الكاتب فهمي هويدي بإحدي الصحف الخاصة أسبوعياً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف