الجمهورية
فريد إبراهيم
التجارب الشخصية

تمثل التحارب الشخصية في الحياة بكافة جوانبها مصدرا مهما للتعليم والتعرف علي حقائق كثيرة في حياتنا العملية والاجتماعية.
لذا فإن المذكرات أو عرض الخبرات العملية في مسئولية ما بمثابة كنز ـ ان صح التعبير ـ لشباب هذه المهنة بل يستفيد منه كبارها ايضا لأن الكاتب أو المتحدث يقدم من خبراته وتجاربه ما هو مفيد أو ما كان له اثره الكبير في حركة حياته.
أقول هذا الكلام وأنا اتابع مقالات المستشار محمد محمد خليل رئيس محكمة الاستئناف بالإسكندرية التي تنشرها جريدة الجمهورية بعنوان خواطر مصري حيث افرد المستشار الجليل عدداً من مقالاته لتجربته الشخصية في القضاء من خلال نماذج من القضايا التي كان له فيها رأيه وحكمه الذي املاه عليه ضميره واضعاً في الاعتبار ظروفاً مهمة قد لا يهتم بها النص القانوني وإنما ملكة القاضي الذي تم اعداده جيداً وتشبعت روحه العدالة التي لا تغفل الرحمة ولا تغفل مسئولية القاضي الذي يبحث للمتهم عن البراءة في الأوراق.. لا يتربص به بل كان في كثير من احكامه يضع في الاعتبار مصلحة الأسرة مثل الرجل الذي قتل ابنه وهو يؤدبه واصبحت الادانة ثابتة لكن تنفيذ الحكم فيه تدمير للأسرة كاملة بعد ان مات عائلها فحكم عليه مع ايقاف التنفيذ.. والسيدة التي بكت عندما ادركت ان ابنها الذي تقاضيه معرض للسجن فأصدر حكمه بإدانته مع ايقاف التنفيذ رعاية لمشاعر والدته التي رقت له بعد غضب.
النماذج التي يتناولها سيادة المستشار أحري بأن تكون مجال تدريس لشباب القضاة لكي تكون لهم منارات هادية في مسئولية عظيمة وجليلة لأن القاضي كما نعلم ويقول العلماء يوقع عن الله سبحانه وتعالي ولأنه يوقع عن الله فلا يقضي إلا إذا استراح وجدانه كما توصل إليه من خلال الأوراق خاصة وان الخبرة والثقافة الواسعة والعلم من شأنها ان تقيم ملكة قادرة علي ان تضع يد صاحب المهنة والمسئولية علي وجه الصواب.
فإذا عرفنا ان سيادة المستشار محمد خليل شاعر كبير ومثقف نهم إلي القراءة والمعرفة ندرك مدي ما تستطيع ان تثري تجربته هذه ثقافة شباب القضاة.
اذكر ـ انه حكي لي مرة أنه بعد ان دخل حجرة المداولة دخل عليه أحد المحامين يسأله ماذا يصنع والقضية التي جاء للترافع فيها ستتأخر وفي الوقت ذاته لديه قضية في مكان آخر فاستغرب من السأال وقال للمحامي لا شأن لي بذلك وعندما أراد المحامي ان يخرج من عنده من غير باب قاعة المحكمة الذي دخل منه أمره ان يخرج من نفس باب القاعة وليس الباب الخاص بالقضاة حتي لا يتصور المتقاضون ان المحامي يجالس القاضي فتثور الشكوك في نفوسهم وقد صدق حدسه حيث ذكر له بعض من حضر القبض علي موكل هذا المحامي بعد الحكم عليه انه كان يصرخ ويقول ان المحامي افهمني ان القاضي صاحبه ويبرئه من التهمة.
هنا أدرك المستشار لماذا كان المحامي حريصاً علي الخروج من باب غير باب المكتب المفضي إلي قاعة المحكمة. مثل هذه الأمور قد لا يلتفت إليها شباب القضاة ويستغلها ضعاف النفوس لمكسب سريع لكنها تثير الاضطراب في نفوس المتقاضين فييأسون من العدالة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف