>> فى مصر ما يقرب من 40 ألف منظمة تم الاتفاق على تسميتها.. اتفاق من لا أعرف.. المهم أنها معروفة باسم منظمات المجتمع المدنى!.
بعضها يعمل فى مجال العمل التطوعى الخيرى.. بتقديم المساعدات لطبقات المجتمع الفقيرة.. وبعضها منظمات دينية.. وبعضها معروف باسم المنظمات الحقوقية وهى تعمل وفقاً لما تقوله هذه المنظمات.. فى مجال حقوق الإنسان ونشر الثقافة الفكرية والمشاركة السياسية ونشر الديموقراطية!.
الأصل فى تمويل هذه المنظمات المختلفة الأهداف.. قائم على التبرعات.. سواء من أعضائها أو من القائمين عليها أو ممن يتوافقون فكرياً مع سياسات وأهداف هذه المنظمات.. وفى دول كثيرة تقوم الحكومات بدعم هذه المؤسسات وتقديم المساعدات لها.. ومؤخراً وبصورة واضحة أصبحت المنح الدولية والتمويلات الخارجية أحد أهم وربما المصدر الوحيد لدخل عدد ليس بالقليل من هذه المنظمات!.
الغريب فى الأمر.. أن أغلب هذه المنظمات المعروفة باسم الحقوقية أو أسماء شبيهة.. حصرت نشاطها فى الندوات والمؤتمرات وورش العمل.. دون أى تطبيقات عملية فى المجتمع لما تناقشه هى فى مؤتمراتها وندواتها!.بمعنى أوضح اكتفت بالجانب النظرى.. بيانات.. تصريحات.. إدانات.. وخلاص!.
طيب.. المجتمع.. وأقصد مجتمعنا.. عنده مشكلات متراكمة متوارثة مستحكمة.. لا أظن أن واحدة منها لفتت نظر الكثير من هذه المؤسسات!.
أتكلم مثلاً عن الإدمان.. كمشكلة بجد خطيرة وكيف لا تكون وهى باتت خطراً داهماً على شبابنا بل وأطفالنا!. أتكلم عن الأمية!. أتكلم عن التعليم!. أتكلم عن الصحة!. أتكلم مثلاً عن البطالة!. أتكلم عن مشكلات كثيرة ناجمة عن تراكم سنوات طويلة.. مفترض أن يتعاون المجتمع المدنى مع الحكومة فى مواجهتها.. حيث يصعب جداً على أى طرف بمفرده أن يحلها.. والخلاصة لا التعاون تم.. ولا المجتمع المدنى اعتبر حل هذه المشكلات.. حقا من حقوق الإنسان!. وعليه...
عندى فكرة يمكن بها تحويل الأهداف النظرية لأغلب هذه المنظمات إلى تطبيقات عملية تفيد المجتمع بجد ويستفيد المواطن المصرى منها بجد!. الفكرة أقدمها إلى المنظمات التى تحظى بدعم خارجى هو مقدم لها لأجل النهوض بالمواطن والوطن!.
التعليم مثلاً عندنا.. أزمة مستحكمة بكل ما تحمله الكلمة!.
يقينى أن منظمات المجتمع المدنى يمكن أن يكون لها دور فاعل وهائل ورائع فى مواجهة مشكلة التعليم.. اليقين الذى أنا عليه لم يأت من فراغ.. إنما من منظمات المجتمع المدنى نفسها.. ومنها من صنع إعجازاً بكل المقاييس فى مجال الصحة!.
أستأذنكم فى الحديث عن منظمة مجتمع مدنى هى جمعية خيرية اسمها «جمعية رعاية مرضى الكبد بالدقهلية».
هذه الجمعية كل دخلها من التبرعات.. ماذا فعلت؟.
شيدت فى قلب ريف مصر.. صرحا طبيا اسمه «مستشفى الكبد المصرى».. إنشاؤه وتجهيزه بأحدث الأجهزة الطبية المتخصصة.. بلغ 100 مليون جنيه كلها تبرعات!.
جمعية رعاية مرضى الكبد بالدقهلية التى لها حتى الآن 23 فرعاً فى كل محافظات مصر وكلها ترعى مرضى الكبد.. هذه الجمعية هى من أطلقت حملة «قرية خالية من فيروسات الكبد» قبل 15 شهراً!. الآن فى مصر قرابة الـ 30 قرية مصرية خالية من فيروسات الكبد!.
نعم.. الدولة حققت ما كان مستحيلا أن يتحقق.. بدعمها المالى الهائل لأجل توفير أحدث علاج فعال لفيروس «C».
منظمة الصحة العالمية كتبت «شعرًا» عما حققته مصر فى مجال فيروس «C». المنظمة العالمية هى التى قالت إن مصر حققت ما لم تستطع أمريكا تحقيقه فى علاج فيروس «C» وكيف أن مصر نجحت فى علاج عشرات الآلاف من المصريين.. ومن تم شفاؤهم.. أضعاف أضعاف من تم علاجهم فى أمريكا التى يوجد بها أكثر من ثلاثة ملايين مريض بالفيروس «C».
خلاصة القول إن ما حدث بمصر فى التصدى للفيروس القاتل.. أمر غير مسبوق فى المحروسة.. الدولة دعمت العلاج بلا حدود والمجتمع المدنى عطاؤه بالمال والجهد.. أيضًا بلا حدود.. والمحصلة 30 قرية خالية من الفيروس.. وتلك هى البداية لأجل أن تكون مصر كلها خالية من الفيروسات الكبدية!.
الذى أتكلم عنه أمر كان مستحيلا التفكير فيه ولا حتى فى الأحلام.. لكنه تحقق بفضل الله وبمنظمة مجتمع مدنى اسمها جمعية رعاية مرضى الكبد بالدقهلية!.
معنى الكلام أنه لا مستحيل بإمكانه أن يقف أمامنا.. إن أردنا.. والتجربة أثبتت أننا نريد وأننا نقدر!.
من تجربة جمعية الدقهلية الرائعة.. عندى يقين أنه بإمكاننا تحقيق النجاح نفسه وربما أكثر فى مجال آخر.
وأعود للفكرة التى أقدمها إلى المنظمات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان المصرى والتى تحظى بدعم خارجى بالعملة الصعبة وأظن.. وليس كل الظن إثم.. أن الجهات الخارجية التى تمول بالدولار منظماتنا الحقوقية.. لن ترفض صرف دولاراتها فى إعلاء حق المواطن المصرى فى التعليم الجيد.. باعتباره واحدا من أهم حقوق الإنسان!.
أحلم بتشييد مدرسة مصرية واحدة بمواصفات عالمية.. فى كل محافظة مصرية!
ماذا لو أن 30 منظمة حقوقية قررت أن يبدأ إصلاح منظومة التعليم من عندها!. أليس التعليم الجيد أحد أهم حقوق الإنسان فى أى مكان وزمان!.
كل منظمة حقوقية من الثلاثين منظمة.. تتكفل بإنشاء مدرسة تقام فى كل محافظة.. المدرسة تضم المراحل التعليمية الثلاث.. الابتدائى والإعدادى والثانوى بواقع فصلين لكل سنة دراسية. فى الابتدائى 24 فصلا من أولى ابتدائى حتى سنة سادسة و12 فصلا فى الإعدادى ومثلهم فى الثانوى.
النقطة الأهم فى التجربة أن كثافة الفصل من 20 إلى 25 تلميذًا وتلميذة فقط!.
التجربة هدفها تقديم نموذج شعبى لما يجب أن يكون عليه التعليم!. إن أردنا حقًا تعليمًا.. فلا يجب أن يزيد عدد الطلبة على 20 طالبًا فى الفصل.. لإعطاء الفرصة للمعلم أن يُعَلِّم وللطالب أن يتعلم!. ونأتى للنقطة الأهم فى الفكرة أو الاقتراح!.
الطلبة الذين يحق لهم دخول المدرسة.. هم من الأسر التى عدد أبنائها لا يزيدون على ثلاثة فقط!. ليه؟.
لأن كارثة كثافة الفصول التى دمرت التعليم.. سببها عشوائية النمو السكانى الذى لا سقف له عندنا.. لدرجة أن معدل النمو السكانى فى مصر.. هو الآن خمسة أضعافه فى الصين!.
الأسرة التى نظمت النسل لأجل مستقبل أفضل لأبنائها.. حقها أن تنعم بتعليم أفضل وتكافأ بالمدرسة التى كثافة فصولها 20 طالبًا على الأكثر!.
هل صعب على أى منظمة حقوقية أن تبنى مدرسة تضم 48 فصلاً؟. طبعًا لا.. لأن أى منظمة حقوقية ليست أقل من جمعية رعاية مرضى الكبد التى شيدت صرحًا طبيًا شامخًا بـ100 مليون جنيه!. ليست أقل من جمعية الدقهلية التى فتحت 23 فرعًا لها فى محافظات مصر وفرع أسوان من أكبر هذه الفروع!. وللعلم كل فرع للجمعية هو مستشفى صغير مجهز بكل الأجهزة ويقدم خدماته مجانًا لغير القادر!. أكرر مجانًا لغير القادر!.
لو أن المنظمات الحقوقية.. اعتبرت التعليم الجيد حقًا من حقوق الإنسان!. لو أنها اقتنعت وأخذت كل منظمة تريد أن يكون لها دور على الأرض وليس لى الورق.. لو شيدنا فى كل محافظة مدرسة بالمواصفات الحقيقية للمؤسسة التربوية!. ملاعب للرياضة وحجرات للأنشطة التربوية الأخرى.. والأهم أنها وأقصد المدرسة هى المكافأة لكل أسرة تُقَدِّر الأهمية البالغة لحتمية تنظيم الأسرة لأجل تعليم أفضل وصحة أفضل وحياة أفضل ومجتمع أفضل!.
المدرسة التى أنشأها المجتمع المدنى.. نموذج إيجابى يدعو لأن يكون لكل مصرى دور تجاه الوطن وواجب تجاه نفسه لأجل الوطن!. مدرسة بمثل هذه المواصفات.. ليس صعبًا من الناحية المادية على المنظمة الحقوقية أن تشيدها وترعاها أن تدعم مرتبات معلميها!. ليس صعبًا فى تجربة مثل هذه أن يكون لأولياء الأمور دور.. ولابد أن يكون هذا الدور موجودًا.. وأنا شخصيًا رأيته بنفسى فى تجربة رائعة لمدرسة حكومية ثانوية للبنات فى حلوان اسمها مدرسة أم المؤمنين.. ومديرها نجح مع أولياء الأمور فى جعل المدرسة الحكومية أفضل بكثير من مدارس أجنبية.. ونتائج المدرسة هى الشاهد!.
سؤال محدد وواضح: هل صعب على أى منظمة حقوقية يتم دعمها من منظمات خارجية.. أن تبنى مدرسة وترعى هذه المدرسة وفقًا للمواصفات التربوية والتعليمية.. ولنظام قبول هو فى الواقع دعوة بالغة الموضوعية لكل أسرة لتتدبر أمرها وتدرك على أرض الواقع أنها الحل وأنها أيضًا المشكلة!. أنها وأقصد الأسرة هى الوحيدة التى تملك حل مشكلة كثافة الفصول التى دمرت العملية التعليمية!. نعم الأسرة هى الحل.. لأننا مهما نبنى من مدارس.. معدل النمو السكانى أكبر عشرات المرات وأكبر من أى فصول!.
الأسرة لن تعرف الحل.. إلا إذا كان هناك ثواب وحرمان!. أحد لن يجبرها على تنظيم النسل.. لكن حق من يريدون التعلم وحق المجتمع أن يحرمها من دخول أطفالها النموذج الجديد للمدرسة المصرية.. والذى يبدأ بمدرسة فى كل محافظة.. وأول أى طريق خطوة!.
الفكرة التى شرحتها فى السطور الكثيرة السابقة.. أريد تذكير المنظمات الحقوقية.. أنها تحقق واحدة من أهم حقوق الإنسان.. وأقصد حق التعليم الحقيقى الجيد والذى لن يحدث إلا بالقضاء على كثافة الفصول والتى هى لن تنتهى إلا بمعدل نمو سكانى مثل خلق الله فى أرض الله الواسعة!.
خلاصة القول.. الإنسان حقوقه كثيرة وليس فقط حقًا واحدًا!.
مثلا الإدمان كارثة.. حق كل إنسان أن نساعده على الوقاية منه.. وأن نقف معه بكل ما نملك لإنقاذه من الإدمان إن تمكن منه!.
أليس حماية أطفالنا وشبابنا من خطر الإدمان.. واحدًا من أهم حقوقهم كبشر!. هل هذا الحق مدرج فى جدول اهتمامات منظمات حقوق الإنسان؟
الدولة خصصت صندوق مكافحة الإدمان لمواجهة أحد أهم الأخطار التى تتربص بشبابنا!. صندوق مكافحة الإدمان يبذل جهدًا رهيبًا فى مواجهة خطر تقف وراءه دولة المخدرات بالعالم بكل جبروتها ونفوذها وسطوتها ومالها!. دولة المخدرات بالعالم.. نجحت فى اجتياز حدود كل دول العالم وأولها أمريكا.. وطالما النفوس الفاسدة الخَرِبَة جزء من تكوين البشر.. ستكون هناك جريمة ويكون القتل وتكون السرقة وتكون المخدرات ويكون الإدمان ويكون التطرف.. وتكون كل النواقص الاجتماعية!.
صندوق مكافحة الإدمان وحده لن يقدر.. لابد أن يتحرك المجتمع كله ويساعد والمنظمات الحقوقية التى تبحث عن حق الإنسان وتحمى حق الإنسان.. حقنا عليها أن تضع الإدمان أحد أهم قضاياها.. لأن السينما مثلا.. ما يقوم به الصندوق فى شهر.. تنسفه السينما فى فيلم!.
مسلسلات رمضان الذى هو شهر الصوم والعبادة.. مشاهد الإدمان التى قدمتها.. دعوة مفتوحة للإدمان.. وإن حدث وتم حذف مشاهد.. قامت الدنيا على حيلها.. دفاعاً عن الإبداع ولا قيود على حرية الإبداع!. وأحد لا يتكلم عن حقوق وطن فى حماية أبنائه من دمار الإدمان!. حماية وطن حقه أن يطمئن على مستقبله.. بحماية شبابه من السقوط فى الإدمان!.
اعتقد أن حماية أطفال وشباب مصر من هلاك الإدمان.. حق مهم من حقوق الإنسان!.
السادة جمعيات حقوق.. أقدر لكم حرصكم على حق التظاهر.. وأهمية التظاهر لكل إنسان.. ولكن!.
فقط أريد تذكيركم بأن حقوق الإنسان كثيرة وأى حق منها لا يقل أهمية عن حق التظاهر!.
نسيت أسأل حضراتكم: توكيل حقوق الإنسان الموجودة معكم.. شامل كل الحقوق.. ولا تخصص تظاهر فقط!.
...................................................
>> إن كان هناك وسام يُمنَح.. فهو للشعب المصرى العبقرى بموقفه الواعى العظيم.. الذى أبهر صندوق النقد الدولى.. وهو يراجع وضع مصر الاقتصادى على الورق.. من خلال مذكرات ومستندات وأرقام وتعهدات.. وأيضاً يراجع وضعها على أرض الواقع.. وقرارتها التى اتخذتها لإصلاح اقتصادها بإجراءات صعبة صعبة ظلت لسنوات طويلة مستحيلة ولم يجرؤ مسئول بمصر الاقتراب منها أو حتى التفكير فيها.. رغم أنها السبيل الأوحد للإصلاح وأى شىء غيرها.. مسكنات بالقروض والديون وبالتبعية التضخم وكل ما هو مدمر لأى اقتصاد!.
موافقة صندوق النقد الدولى على القرض الذى طلبته مصر.. هو موافقة على الخطة التى وضعتها مصر لإصلاح اقتصادها.. وما كانت هذه الخطة تنجح وتحظى بموافقة الصندوق.. إلا باستجابة الشعب المصرى للقرارات الاقتصادية الصعبة لثِقته التامة فى قيادته وفى قدرتها على النهوض بالوطن واجتياز المشكلات الكثيرة المتراكمة المتوارثة!.
قوة هذه الثقة وصلابتها ورسوخها.. ناجم من أنها ثقة متبادلة ما بين الشعب ورئيسه وأهم ملامحها أنها بلا حدود ولا فيها شكوك!.
الشعب ثقته مطلقة فى الرئيس السيسى.. والرئيس ثقته مطلقة فى الشعب.. وما حدث فى 30 يونيو 2013 وما قبلها وبعدها خلق تجليات هذه الثقة العظيمة.. المستحيل اختراقها أو هزها أو حتى الاقتراب منها.. والدليل 11/11.. ورهان الإخوان وإخوانهم على الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار.. والمحاولات المستميتة لاستثارة الشعب بالشائعات والأكاذيب والفتن وكل ما فى جعبة الحروب النفسية!.
حرب مسعورة لأجل الفوضى.. وصلت سقفها عقب صدورالقرارات الاقتصادية قبل يومين أو ثلاثة من يوم 11/11 أو يوم الغضب والثورة!.
ظنوا أنها النار التى لن تنطفئ.. خيالهم المريض رآها هكذا.. لكن الشعب العبقرى اعتبرها أجرأ قرار فى أصعب وقت لرئيس مصرى!.
الثقة الهائلة المتبادلة بين الشعب ورئيسه.. حسمت المسألة وقُضِى الأمر.. والشعب انحاز للوطن لا للفوضى!.
الشعب جعل من 11/11 أول يوم فى أول إصلاح لاقتصاد مصر!.