لا أفهم كيف ينساق صناع القرار إلى الدخول فى جدل عقيم حول أزمة نقص الأدوية الحيوية، التى تهدد بقتل آلاف المرضى، دون أن يخرج رئيس مجلس الوزراء ليصدر قراراً عاجلاً وحاسماً بتوفير الأموال المطلوبة لاستيراد هذه النواقص فوراً بالدولار، خاصة أن حصيلة ما جمعته البنوك من العملة الأمريكية بعد قرار تعويم الجنيه بلغت، كما صرح محافظ البنك المركزى طارق عامر، أمس، أكثر من 3 مليارات دولار؟
مثل هذه الأمور المصيرية لا تحتاج إلى تأخير، ولا يمكن لحكومة رشيدة أن تضيع ثانية واحدة فى جدل حول تفاصيل من عينة أن الأدوية موجودة عند الشركات، لكنها ترفض توريدها للصيدليات والمستشفيات إلا بعد رفع أسعارها بسبب ارتفاع سعر الدولار بعد تعويم الجنيه إلى نحو 16 جنيهاً، المرض لن ينتظركم فى جدلكم هذا، ولن يصبر عليكم كما صبر الشعب، وكما قال زوج مريضة بالسرطان لم تحصل على جرعة العلاج الإشعاعى لـ«الوطن» منذ أيام: «قولوا للسرطان يصبر علينا شوية!!».
الأمر خطير للغاية يا حضرات، ولا يحتمل فتح معارك جانبية، مثل التى بدأتها وكيلة نقابة الأطباء الدكتورة منى مينا بحسن نية، عندما تسرعت بالإعلان عن إصدار وزارة الصحة تعليمات لأطباء مستشفياتها باستخدام «السرنجة» الواحدة لحقن أكثر من مريض، وهو ما تلقفته وزارة الصحة لاصطياد الدكتورة «منى»، التى تجمعها معارك سابقة مع الوزارة، منها ما هو فئوى، مثل رفع بدل العدوى للطبيب إلى ألف جنيه، بدلاً من البدل الحالى المعمول به وهو 29 جنيهاً!
نقص الأدوية والمستلزمات الطبية فى المستشفيات العامة والخاصة وفى الصيدليات لا يحتاج إلى دليل أكثر من شهادات المرضى أنفسهم، كما أن الدكتور أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات، وكان وزيراً سابقا للصحة، أعلن فى غير مرة أن مستشفيات جامعية كبرى تعانى نقصاً حاداً فى بعض الأدوية، وذكر منها مستشفيات أسيوط والزقازيق والإسكندرية، أى أن النقص أصبح ظاهرة تهدد حياة 16 مليون مريض يترددون على المستشفيات الجامعية وحدها، بخلاف مستشفيات وزارة الصحة، والمراكز والمستشفيات غير الحكومية.
لا أفهم ما الذى يدعو للانتظار، خاصة أن قرارات ترشيد الاستيراد لا تشمل سلعة حيوية مثل الأدوية ومشتقات الدم، أم أن حكومة المهندس شريف إسماعيل اعتادت على انتظار تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أدق التفاصيل اليومية التى ما خُلقت الحكومات إلا من أجلها.. أرجوكم ارحمونا، وكفّوا عن هذا الجدل القاتل، وأنقذوا أرواح الناس بأى شكل، يرحمكم الله.