عزت السعدنى
الحب على المقاهى.. والكافيهات !
سألت شاباً يجلس مع فتاة تعرف عليها فى إحدى الكافيهات الشيك وفى آخر شياكة وآخر تمدن وتحضر.. سألته طبعاً بعد انصراف الفتاة لبعض شئونها: أنت تحب هذه الفتاة؟
قال: كيف عرفت أننى أحبها؟
قلت: من طريقة كلامك معها..
معاملتك لها برقة وأدب.. تآلفكما مع بعض فى النظرات.. فى اللفتات.. فى الكلام.. فى الاحترام المتبادل بينكما.. يعنى باختصار كده.. من يشاهدكما معاً.. يتأكد دون كلام أن بينكما قصة حب.. ربما فى بدايتها.. ولكن المهم أن إطاراً من الحب المتبادل بينكما يجمعكما معاً.. هكذا تصورته وأنا أتابعكما بنظراتى عن قرب منذ نحو نصف ساعة أو أقل قليلاً!
قال لى عبارة غريبة لم أتوقعها بالفعل.. قال: لا.. لحد دلوقتى إحنا أصحاب بس!
سألته: يعنى أنت ما بتحبهاش؟
قال: هى عجبانى برتاح لها.. واستلطفتها.. لكن لسه مرحلة الحب والعشق اللى على أيامكم ده.. ما وصلنالهاش.. إحنا بالبلدى.. لسه على البر زى ما كانت نجاة الصغيرة زمان بتقول فى أغنية لها لسه فاكرها كويس.. على البر مراكبيه.. مش فى البحر.. لسه ما دخلناش جوه فى الغويط!
أسأله: وإمتى بقى تدخلوا فى الغويط.. يعنى تحبوا بعض.. يا سبع البرومبا؟
قال لي: مش وقته دلوقتى.. إحنا فى مرحلة الحب والدلع والهزار.. والفرفشة.. لما الواحد يستقر كده ويعرف طريقه ومستقبله.. ويشتغل ويضمن أن له وظيفة ثابتة ودخل ثابت.. يبقى ساعتها.. الواحد يحب بجد.. ويتشجع بجد ويتجوز بجد.. لسه بدرى قوى على الكلام الكبير ده!
أسأله: أمال أنتم بتعملوا ايه دلوقتى؟
قال ضاحكاً وقد شاهد محبوبته أو صديقته قادمة إليه من على بعد: عاوز الصراحة.. بنهزر بس.. وبنضيع وقت.. إحنا لسه بدرى على الهم الكبير ده!
أسأله: إيه يعنى هو الهم الكبير ده يا سبع البرومبا؟
قال: الجواز يعنى وفتح بيت.. دى حكاية كبيرة قوى.. لسه بدرى عليها!
جاءته الفتاة بعد أن تزينت وتطيبت.. يعنى على «سنجة عشرة».. زى ما بيقولوا ولاد البلد.. آخر جمال وآخر حلاوة.. قلت فى سرى دون صوت: والله خسارة فيك يا ابن الإيه!
استأذن الشاب «الألعبان» لارتباطه بموعد رياضته اليومية فى الجيمينزيوم القريب.. وهو يقول لفتاته: ما تمشيش.. أنا راجع تانى بعد ما أخلص التمارين بتاعتي!
وجدت نفسى وجهاً لوجه مع هذا القمر المنور.. فتاة فى ريعان الصبا.. آخر جمال.. وآخر حلاوة وآخر شقاوة كمان..
قالت لي: اسمح لى أن أعزمك على فنجان قهوة معاك.. عشان عاوزه اشكيلك حالي!
لم أمانع بالطبع. .جاءت القهوة وبدأ الكلام..
بادرتنى بقولها: إيه رأى حضرتك فى الولد اللى كنت قاعدة معاه.. وسابنا ومشى دلوقتى؟
قلت لها ضاحكاً: كل ده ولد.
قالت: الشاب من دول لحد أما يتجوز.. لسه ولد ويفضل ولد لحد لما يتكعبل فى واحدة زيى كده تلمه وتكلبشه قصدى تتجوزه يعني!
قلت لها: وناوية حضرتك تكلبشيه امتى وتلميه امتى؟
سألت بخبث البنات: وعرفت إزاى إن أنا اللى حكلبشه واتجوزه؟
قلت لاه: إنتى لسه قايلاها بعضمة لسانك!
قالت: أيوه أصل عاجبنى.. وهو عمال يتدلع.. ويروح كده.. وييجى كده.. لكن على مين.. مش حاسيبه إلا على المأذون.. بس والنبى تدعيلى عشان أقدر عليه.. وعلى حججه وألاعيبه!
سألتها: عرفتيه منين وفين؟
قالت: من هنا.. من علي الكافيه كان قاعد مع شلة أصحابه أتعرفنا.. واتكلمنا.. ومن يومها.. إحنا مع بعض!
لأن الحكاية قلبت بجد.. يعنى أصبحت حكاية مش لعب عيال- كما يقولون- وهزار وشوية فرفشة بعيدا عن نكد البيت وزعيق الآباء ونكد الأمهات..
سألت فتاتنا اللى آخر جرأة وآخر.. فتاة من زمن الكافيهات.. إذا أردنا أن يكون للكافيهات دور فى ربط الأولاد والبنات بعلاقات وغراميات وجرى ولعب.. بعد أن أصبحت حقيقة والله فى حياتنا لا يمكن تجاهلها.. فقد استجمعت شجاعتى وسألت فتاتنا سؤالا فى الصميم: إزاى بس يا بنت الناس تفكرى تتجوزى شاب عرفتيه على الكافتيريا.. لا سألتى عليه ولا هو سأل عليكى.. لا جاب أهله وخبطوا على بابكم.. وقابل باباكى ومامتك وقالهم عبارة واحدة صريحة: أنا جاى طالب القرب منكم فى بنتكم فلانة.. وبعدين مش جايز الواد اللى أنتى عينك عليه.. يطلع فى الآخر.. واد لعبى.. ولا واد نصاب بيلعب بالبيضة والحجر؟
قالت: حيلك حيلك.. أنت رحت بعيد خالص.. الواد باين قدامى زى الكتاب المفتوح والستات أقصد البنات اللى زينا.. يعرفوا قرار الشاب من دول.. أصله وفاصله.. ويجيبوا قراره.. حتى من غير ما يتكلم.. وحنروح بعيد ليه.. بكره الميه تكدب الغطاس.. بس الأول أدخل أنا دماغه.. وسيب الباقى عليا أنا وأمي!
....
قبل أن تمضى.. هلّ علينا الشاب «اللى عليه العين».. كما يقولون.. ابتسمت فتاتنا ابتسامة عريضة وهى تنظر إلىّ نظرة ذات معنى.. كأنها تقول لي: شايف أهو رجع تاني!
قلت للشاب: يعنى رجعت تانى؟
قال: طبعاً.. عشان عاوز أتكلم مع حضرتك فى موضوع مهم جداً!
تشير فتاتنا بأصبعها إلى صدرها.. وكأنها تقول لي: عشان يكلمك عنى أنا!
ولكن ذلك حكاية أخري
....
كلمات عاشت:
«إن سرقت اسرق جمل.. وإن عشقت اعشق قمر!». مثل بلدى صميم