المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان لا ترهبهم تجمعات وحيل الخصوم
الصمود والثبات في مواجهة التحديات من السمات الدائمة لأهل الإيمان.. يمضون في طريقهم ونور اليقين يمتلك وجدانهم.. يزيلون العقبات ويقبلون علي الحياة ينشرون ألوية العمل الجاد ويخوضون أعتي المعارك بقوة تثير الإعجاب والتقدير. لا ترهبهم تجمعات أو حيل خصومهم الماكرة للنيل من مسيرتهم الناجحة يعتصمون بحبل الله المتين ويطبقون تعليماته في إطار المبادئ السامية التي تعتمد علي العدل والوسطية ويقبلون علي العمل الجاد والبناء والتعمير. ويصمدون في وجه العواصف التي تعترض مسيرتهم ولا يخافون ما يدبره لهم الخصوم من معارك يخوضونها بعزيمة لا تعرف التقاعس أو التهاون وقد كانت معاركهم في مواجهة خصومهم مضرب الأمثال ومثار تقدير خصومهم.
هؤلاء الرجال الذين ثبتوا مع رسول الله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ووقفوا بجواره بثبات والتزام وصدق وتغلب علي الجراح ومتاعب الحياة التي كانت تعترض مسيرتهم وقد تجلي ذلك بوضوح في مواقف أهل الإيمان من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم في يوم أحد.. ثبتوا ووقفوا بشهامة ورجولة في يوم أحد ورغم هزيمتهم في هذا اليوم إلا أن الإيمان ازداد ثباتاً في قلوبهم وأعلنوا أنهم جاهزون وعلي أتم استعداد لخوض أي معارك يشنها خصومهم وقد امتدح الحق تبارك وتعالي هذه المواقف وتلك الصور الرائعة التي تجلت في صمود ومواقف هؤلاء المؤمنين في معركة يوم أحد "يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين. الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم" 171. 172 آل عمران.
يضع الحق تبارك وتعالي مواقف وثبات هؤلاء الرجال الذين استقر نور الإيمان في قلوبهم في آيات بالقرآن الكريم لكي تظل نماذج أهل الإيمان قدوة لكل الأجيال علي مدي العصور وتوالي السنوات لا ترهبهم حيل ومكر الأعداء والخصوم ومما يوضح هذه المواقف بصورة أكثر وضوحاً أنه بعدما أصاب المسلمين في أحد وبعد انتهاء المعركة وأخذ المشركون يعودون إلي بلادهم ودار بينهم حديث يتضمن أنهم نادمون لأنهم لم يجهزوا علي أهل المدينة ويجعلوا هذه المعركة الفاصلة مما يشير إلي أنهم مصرون علي المعارك والعودة إليها فلما بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم طلب من أصحابه الذهاب وراء هؤلاء المشركين ليرعبوهم ويثبتوا للمشركين بأن لديهم قوة وجلداً.. وحول هذه المواقف يقول عكرمة: لما رجع المشركون عن أحد قالوا: لا محمداً قتلتم ـ ولا الكواعب أردفتم. بئسما ما صنعتم. ارجعوا فسمع رسول الله صلي الله عليه وسلم فندب أي طلب من المسلمين النهوض والخروج لملاحقة هؤلاء المشركين حتي بلغوا حمراء الأسد وهو موضع بالقرب من المدينة المنورة لكن المشركين عندما وجدوا الثبات والإصرار في قلوب هؤلاء الرجال تراجعوا وقالوا نرجع من العام القابل إنه موقف أشاد به رب العالمين "الذين استجابوا لله والرسول من بعدما أصابهم القرح" إنها بحق شهادة تتوج صدور أهل الإيمان من أصحاب الرسول الذين لبوا النداء رغم الجراح والآلام التي أصيبوا بها في يوم أحد.
ومن المواقف التي جاءت في سيرة وتراجم هؤلاء الرجال من ثبات وقوة بأس تؤكد أن أهل الإيمان لا يهابون الأعداء ولا معاركهم يقول محمد ابن إسحاق عن أبي السائب مولي عائشة بنت عثمان: إن رجلاً من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم كان قد شهد أحداً. قال: شهدنا أحداً مع رسول الله صلي الله عليه وسلم أنا وأخي ورجعنا جريحين فلما أذن مؤذن رسول الله صلي الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو قلت لأخي: أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلي الله عليه وسلم. والله ما لنا دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل فخرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وكنت أيسر جراحاً منه فكان إذا تعب حملته حتي انتهينا إلي ما انتهي إليه المسلمون. وإنها بطولة وشهامة تؤكد أن أهل الإيمان لا يستسلمون لأي عقبات أو هزائم تعترض طريقهم ومما يشير إلي هذا الثبات والعزيمة الصادقة ما جاء في الآية الكريمة بسورة آل عمران "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل" فماذا كانت النتيجة؟ لقد كان فضل الله ونعمه تتوج أعمال هؤلاء الرجال "فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم" إنه فضل الله وجزاؤه للذين ثبت نور الإيمان في قلوبهم وثبتوا في أشد المعارك ووقفوا في بطولة أشاد بها الحق تبارك وتعالي وهكذا أهل الإيمان من الأنبياء والصالحين لا يهابون الأعداء مهما تكن قوتهم وكثرة أعدائهم ومهما كانت ضراوة المواقف التي يتعرضون لها فإنهم لا يخافون كل ذلك وتوكلوا علي الله واستعانوا به طالبين تأييدهم بنصره سبحانه وقالوا في ثبات وعزيمة حسبنا الله ونعم الوكيل إنه طريق إلي الأنبياء سيدنا إبراهيم صلي الله عليه وسلم حين ألقي في النار. وقالها سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم حين قال لهم: إن الناس قد جمعوا لهم فأخشوهم" فهذا التجمع زادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل وأننا سنظل ثابتين في مواقفنا فكانت نعم الله تنهال عليهم "فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء" وسوف يظل أهل الإيمان علي الحق مهما ادلهمت بهم الخطوب ومهما تجمع ضدهم الأعداء فإنهم لا يهابون هذه التجمعات ولا ترهبهم حيل ومكر هؤلاء الذين يلاحقون أهل الإيمان في كل زمان ومكان وصدق الله العظيم "أنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" ويتعين علي أهل الإيمان الاقتداء بهؤلاء الرجال وأن يكون الثبات والعزيمة الصادقة هي القاعدة الأساسية في حياتهم يتحدون العقبات ويصمدون في المواجهات بالبناء والتعمير ونشر السماحة هو أسلوبهم الدائم ولينصرن الله من ينصره والله غالب علي أمره. ليت أبناء العالم الإسلامي يتعلمون هذه المواقف هذه الأيام خاصة في وجه أهل الباطل ومروجي الأكاذيب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف