عبد المنعم فؤاد
نحن واسرائيل .. اليهود يقننون وكنائس الأقصي ترفع الأذان
الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، عرف من عهد سيد الأنام -عليه الصلاة والسلام-، واستمر عبر التاريخ إلي يومنا هذا، لا يستطع أحد أن يسكته، أو يحاول منعه، تماما كما هو الحال في أجراس الكنائس، والصفير أو البوق عند اليهود، ولم يستطع محتل أو ظالم مهما كان باعه في الظلم، والإجرام : أن يوقف أذان المسلمين عبر القرون، والأزمان، أو أن يسخر منه علي الأقل.
غير أن في هذه الآونة المعاصرة علي ما يبدو قد وجدت فيها مخلوقات غريبة في تطاولها علي هذه الشعيرة غير مكترثة بمشاعر المسلمين، ولا شعائرهم،، والسبب هو : غفلة أبناء هذه الأمة عن دينها، الأمر الذي أطمع فيهم الآخرون وهم : اليهود شواذ الخلق في أفكارهم، ودعاة الفتنة، في كل زمان ومكان حيث أساءوا الأدب -كما هو معروف- مع الله رب العالمين : فادعو أنه خلق الخلق، وتعب، واستراح من هذا العمل، وثابت ذلك في مطلع أسفارهم :( سفر التكوين ).
وأساءوا الأدب أيضا مع الأنبياء عامة، وهم صفوة الخلق، ومرشدو البشرية إلي الدخول في السلم، فتنطعوا علي البشر وقالوا: ( نحن أبناء الله وأحباؤه) المائدة /18.
كما أساوا الأدب مع المسيح، وأمه -عليهما السلام-، ونسبوا إليهما كبريات الرذائل، وطاردوهما، فاحتضنتهما مصر الكريمة، واستنشقا من عبيرها، وتمتعا بصفاء نيلها، وعبق أكسجينها، وتم إيواؤهما في هذا البلد مصر بنص القرآن: ( وآويناهما إلي ربوة ذات قرار ومعين ) المؤمنون /50، بل لم يكتف اليهود بإيذاء المسيح وأمه فحسب، ولكنهم تطاولوا علي أتباع المسيح فنص تلمودهم المقدس لديهم، -وهو المصدر الثاني عندهم- قائلا : ( إذا خرجت المرأة اليهودية من الحمام وكانت مغتسلة فوقع بصرها علي مسيحي فلترجع، وتغتسل مرة أخري لأن بصرها وقع علي نجس ) هكذا وربي بكل وقاحة، ينص التلمود الذي سطره أحبار اليهود بعد موسي، وإلي يومنا هذا.
والمسلمون عندهم ليسوا بأحسن حالا من المسيحيين، أو غيرهم من البشر، لذا لا نعجب أن رأينا الكنيست عندهم يخرج قانونا في هذه الايام : يمنع المسلمين في الأقصي أن يرفعوا شعيرة الأذان التي ورثتها الأمة منذ أربعة عشر قرنا من الزمان بإقرار سيد الأنام -عليه الصلاة وأتم السلام -.
واللافت للنظر أن نتانياهو، ومن حوله أعلنوا عن ذلك منذ أسبوعين تقريبا، ليروا ردة الفعل في العالم الإسلامي، ثم لما لم يسمعوا أصواتا تعترض، ولا مقالا يشجبُ، ولا منظمة تحتج : أخذوا في غيهم يعمهون، وأقروا هذا القانون، وفي قلوبهم كما يقال ( بطيخة صيفي ) تجاه ردود أفعال المسلمين : لأنهم رأوا أشباه الرجال، ولا رجال، - علما بأن هذه الأمة لا يمكن أن تخلوَ من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولكن اصواتهم خافتة لأن الكاميرات الإعلامية في عالمنا الإسلامي -للأسف- لا تُسلط إلا علي اللهو، واللعب.
بل وجدنا أن القناة العاشرة الإسرائيلية:
تستشهد علي صحة جريمة منع الأذان الذي اقره قانون: (النتن ياهو) بمقطع في إعلامنا الخاص لواحد ممن يعملون في حقل الدعوة - يستنكر فيه رفع صوت الأذان بالميكروفون في مصر بصوت الحمار!. وهذا تعبير غير لائق حتي وإن حُمل علي المحمل الحسن لما قصده القائل، وهو: خفض الأصوات الجماعية، أو علي الأقل الترشيد، والتنظيم المهذب، إلا أن القناة العاشرة في اسرائيل استغلت هذه اللقطة، أو إن شئت فقل : السقطة الهوائية في التعبير لتكون إشارة مرور للقانون الخبيث الذي صدر في الكنيست.
وهكذا قد تكون تعبيرات بعض الدعاة لدينا غير المحسوبة : حملا ثقيلا علي الدين بدلا من أن تكون آلة دفاع لهذا الدين ضد من يتحاملون عليه.
وعلي كل حال فأهل فلسطين عامة، والقدس خاصة : خرجوا علي بكرة أبيهم ليردوا عمليا علي القانون اليهودي بمنع الأذان، فرأينا عند بزوغ الفجر بالأمس القريب، وكالات الأنباء العالمية وهي تنقل شعار ونداء (الله أكبر) ليس بصوت مؤذن واحد، ولا مسجد واحد، بل بصوت كل طفل، ورجل، في كل حارة، وبيت، ومسجد، بل في الطرقات، ووسط أشجار الزيتون: فزلزت كلمات (الله أكبر) كل قلب متكبر جبار.
ومن يسمع المقطع الصوتي بالتكبير يتأكد لديه : أن هذا الدين لا يمكن أن يوقف مده قانون، ولا تسكته أصوات المدافع، والدبابات
الله أكبر إن دين محمد... أقوي وأقوم قيلا.
لا تذكروا الكتب السوالف عنده.... طلع الصباح فأطفئوا القنديلا .
بل الذي يشرح الصدر، ويثلج قلب كل مسلم هنا، وهناك وفي كل أرجاء المعمورة : هذا الموقف النبيل من رجال المسيحية في كنائس فلسطين، فلقد رفعت الكنائس الأذان مشاركة للمسلمين، وأسكتت أصوات الأجراس تقديرا واحتراما لشعيرة المسلمين.
وهذا يؤكد أن اللُحمة الأخوية، والوطنية بين المسلمين، والمسيحيين لا يمكن أن يهدم بُنيانها اليهود، ولا غيرهم، وأن القرآن الكريم الذي ثبت فيه أن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، والذين أشركوا (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ) المائدة /82.
هو القول الحق الذي تثبث الأيام إعجازه، وهو لم يأت اعتباطا ولكنه خبر صدق يتعبد المسلمون به ليلا ونهارا، بل إن القساوسة والرهبان الذين شاركوا في رفع الأذان في كنائس فلسطين : هم قوم فيهم رقة القلب، والبساطة، والتواضع مع إخوانهم المسلمين :
( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون)المائدة /82.
ومن ثم يجب استغلال هذه اللحمة في تأديب اليهود، وإرجاعهم عن غيهم، وشل يد كل من يجرؤ علي التفريق بين المسلمين، والمسيحيين.
بقي أن نبرق بالتحية، ووافر التقدير: لشباب، وأطفال فلسطين مسلمين، ومسيحيين ضد هذه الغطرسة، والبربرية اليهودية، ونؤكد أن ما أقدمت عليه اسرائيل من منع الأذان في الأقصي: تصرف همجي، وهو ليس بمستغرب من كيان شيطاني ينتهك دائما كل القرارات، والأعراف، والمواثيق الدولية، وواجب علي كل المنظمات، والهيئات، والسفارات الإسلامية : أن تقوم فورا باستدعاء سفراء هذا الكيان الغاشم في مناطقها، وتقديم احتجاجات مشفوعة بوعيد ضد هذا التطرف اليهودي تجاه شعائر ديننا.
فاليهود هم اليهود إذا لم يجدوا رادعا قويا، واصطفافا حقيقيا من أبناء هذه الأمة، وحراسا لهذا الدين : فسيهدمون بُنيانه علي رءوس أصحابه، ووقتها نردد مقولة القائل : ( أكلنا يوم أن أكل الثور الأبيض ) والله المستعان.