الأخبار
يوسف القعيد
الرئيس عبد الفتاح السيسي: شكراً
عندما أرسلت لي زميلتي وصديقتي مني رجب الكاتبة والصحفية رسالة تقول فيها إن إسلام بحيري حصل علي عفو رئاسي. سعدت لدرجة عدم التصديق. اتصلت فوراً بالسيدة ملكة غازي، والدة إسلام بحيري، التي أتواصل معها بشكل مستمر ودائم. وكنت قد عرفت منها في اليوم السابق أنها ستزور إسلام الزيارة الشهرية.
كادت والدة إسلام لا تكاد تصدق نفسها. صحيح أنه باقٍ علي الإفراج عنه شهور. لكن أن يفرج عنه بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، فهو أمر مهم. قالت لي السيدة ملكة غازي إنها فور الإفراج عن إسلام ستأخذه هو ووالد إسلام ويذهبون هم الثلاثة إلي رئاسة الجمهورية لكتابة رسالة شكر للرئيس عبد الفتاح السيسي علي موقفه الإنساني النبيل والمصري الصميم في الإفراج عن إسلام بحيري.
وإسلام بحيري - لمن لا يعرف - استجاب لدعوة الرئيس السيسي لتجديد الخطاب الديني. واجتهد فيما قدمه في برنامجه التليفزيوني. فكان نصيبه هو الحبس. وقد دهشت أن بعض الشباب من الصحفيين اتصلوا بي يسألونني عن دلالة الإفراج عن إسلام بحيري. وهل تعد انتصاراً لحرية الفكر؟ وكان غضبي ليس من السؤال. ولكن لأنهم شباب. والشباب مرحلة الحلم والرغبة في تغيير العالم إلي الأفضل.
يضاعف من سروري وسعادتي وحبوري أن الإفراج عن إسلام بحيري كان معه في القرار 81 شاباً. وأنا أكتب هذا الكلام قبل قراءة أسمائهم. لكني علمت أن معظمهم من الطلاب. وهو اختيار جيد. فطالب العلم قد يخطئ وقد يصيب. لكن لا بد أن نمكنه من أن يواصل تعليمه. وأنا أعتقد أن اللجنة التي شكلها الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد مؤتمر شرم الشيخ، وكانت من الثمار الأولي لهذا المؤتمر التي أتمني أن تتبعها ثمار أخري. هذه اللجنة رأسها صديقنا وزميلنا أسامة الغزالي حرب. وكان من أعضائها بلدياتي نشوي الحوفي. وزميلي في البرلمان النائب طارق الخولي، ومحمد عبد العزيز من قيادات تمرد، وكريم السقا. هذه اللجنة أدت دوراً جليلاً في تناول الأمر ودراسته. وقد تعاون معهم المجلس القومي لحقوق الإنسان.
ما أتمناه ألا تكون هذه الدفعة من المفرج عنهم هي الأولي والأخيرة. وأتمني أن تعقبهم أعداد أخري وفق القواعد التي تم وضعها. فكل من لم تتلوث يده بدماء الأبرياء. وكل من لم يتطرف ويحارب بلده ويحاول تدميرها. وكل من حاول التعبير عن رأيه كتابة أو قولاً أو حتي بالتظاهر. لا بد أن نعيد النظر في أمر استمرار حبسه. لأن الإنسان الذي يقضي شبابه في السجن. ويشعر أنه مظلوم، فنحن نسلمه لوضع قريب من المجهول الذي لا نعرف إلي أين يمكن أن يقوده.
> > >
ولأن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يكف عن إدهاشنا دائماً وأبداً بسلوكه وإنسانيته وتواضعه. فقد توقفت طويلاً أمام استقباله للفتاة السكندرية مني السيد إبراهيم بدر. أعجبني جداً التلقائية في اللقاء. فمجرد أن تنادي مني الرئيس مسبوقاً بكلمة أستاذ، وتكرر هذا أكثر من مرة. ولا تذكر أبداً طوال اللقاء كلمتي سيادة الرئيس. معناه أنها لم يجر تلقينها بما ستقوله. وأنها تكلمت بما تريد أن تقوله من تلقاء نفسها. وقالت ما تشعر به. وهذا أمر جيد وجميل.
أيضاً فإن ملابسها كانت بسيطة جداً. وهذا معناه أنها لم يتم إلباسها ملابس تليق بالمناسبة. حتي تلتقط لها الصور بهذه الملابس الجديدة. وكل هذه التلقائية الشديدة مسألة مهمة جداً. ثم إن الوصول إلي المصريين الكادحين الغلابة المساكين الذين يجرون علي قوت يومهم رغم الصعوبات. ويقومون بأعمال شديدة الوعورة والصعوبة مسألة مهمة، تعطي المصري إحساساً بأن ما يقوم به لن يذهب هباءً. وأن هناك من سيقول له شكراً علي ما فعلته. فما بالك إن كان من يقول لك شكراً هو رئيس الجمهورية بنفسه. لم يفوض محافظ الإسكندرية ليستقبلها. ولم يكلف رئيس الوزراء أن يكرمها. بل ولم يوجه اللواء عباس كامل باستقبالها والكلام معها. لكنه قابلها ونزل معها وفتح لها باب السيارة بنفسه حتي ركبت.
من المؤكد أن في مصر آلافاً مؤلفة من المصريين الذين يكدحون ويعملون ويعرقون ولا يعرفون سوي التعب والكد. ولا يمكن أن نطلب من الرئيس مقابلة كل هؤلاء. وإلا ربما لا يتبقي لديه وقت ليواجه المصاعب والمشاكل والهموم التي تتهدد مصر. لكني لا أطلب من أحد من المسئولين القيام بهذا الدور.
ما أتمناه تحديداً أن يتولد لدينا وعي مجتمعي نقدس من خلاله قيمة العمل، ونحترم من يعملون، ونجل الفقراء لمجرد أنهم فقراء، ونساعدهم علي أن يخرجوا من فقرهم بأقل الخسائر الممكنة. »مني»‬ ليست الوحيدة، لدينا أكثر من مليون »‬مني». وهم الأمل - ربما الوحيد - في أن نعيد للشخصية المصرية رونقها وبهاءها وتألقها الذي اشتهرت به منذ فجر التاريخ وحتي نهاية العالم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف