الجمهورية
اللواء د. محسن الفحام
نحو.. مبادرات دعم صعيد مصر
فرضت علينا القرارات الاقتصادية الأخيرة من الترقب والانتظار لردود الأفعال الناتجة عن تلك القرارات.. وأعتقد أن ما حدث من تكالب الشعب علي شراء شهادات الاستثمار ذات العائد المرتفع الذي من الممكن أن يحدث قدرا من التوازن بين ارتفاع الأسعار وزيادة دخل الفرد.. كان عنوانا لتقبل المجتمع إلي حد ما لهذه القرارات والتي أعقبتها تدخلات رئاسية أخري لزيادة معاش التكافل والكرامة كمحاولة مخلصة من محاولات تقليص الفجوة بين زيادة الأسعار ودخل الأسر الفقيرة بشكل عام.
واليوم أجد أنه من المنطقي أن أتكلم مرة أخري عما حدث منذ أسابيع قليلة في بعض محافظات الوجه القبلي والبحر الأحمر التي تعرضت لظروف مناخية سيئة أدت إلي وفاة وإصابة العشرات من أهالينا هناك وتهدم العديد من المازل وانهيار بعض السدود الهشة التي بنيت مخالفة للشروط والمواصفات التي كانت مطلوبة.. أتحدث اليوم عن الجانب الاجتماعي لمجتمعنا في جنوب الوادي وتلك المحافظات التي أهملتها يد الإصلاح والاهتمام فترات طويلة منذ قيام ثورة 1952 إلي يومنا هذا.
لا يخفي علينا أن إهمال هذا الجانب الاجتماعي أو الإنساني من الممكن أن يكون شرارة لإشعال نيران الفتنة والغضب إذا استمر إهمالنا له.. خاصة أن أهل الصعيد تحديدا معروف عنهم الإباء والكبرياء وعزة النفس والكرامة.
لقد تابعت في الفترة الأخيرة العديد من المبادرات التي كانت تطلقها بعض الأحزاب التي فقدت أصلا قدرتها علي التحرك أو الوجود في الشارع المصري.. وبعضها الآخر من شخصيات تحاول أن يكون لها دور علي الساحة السياسية انطلاقا من العمل الاجتماعي.. وغالبا ما كانت تلك المبادرات تنتهي بعد أيام قليلة من إطلاقها لأسباب مختلفة أهمها عدم وجود الشخصية أو الكيان القوي الذي هو محل ثقة رجل الشارع في إخلاصه وصدق نواياه وتجرد أهدافه من أي مصالح شخصية كذلك سلبية الأحزاب ووسائل الإعلام في التواصل بالشكل الفعال الذي يحقق النجاح لها.
يأتي ذلك في حين أن برنامجا واحدا للإعلامي المتميز عمرو أديب حول مستشفي الأطفال بأبوالريش وما لحقه من إهمال وعجز في توفير العلاج والدواء حصد بعد عدة ساعات فقط 15 مليون جنيه دون أي تدخل حزبي أو اجتماعي.. كذلك مبادرته التي كانت بعنوان "الشعب يأمر" والتي ترتب عليها قيام معظم المحلات الكبيرة تخفيض أسعار سلعها بنسبة 20% ثم مبادرة الفنانة والإعلامية القديرة إسعاد يونس لتشجيع المنتجات المصرية والتي أثرت إلي حد كبير في التعامل الإيجابي مع تلك المنتجات بشكل أكثر من السابق.
والآن أيها السادة ونحن مقبلون علي فصل الشتاء والذي تنبئ بوادره أنه قد يتسبب في العديد من الأزمات والمشاكل خاصة في تلك القري التي معظم بيوتها بدون أسقف أو مغطاة بعسف النخيل وكذلك التي سوف تتعرض للسيول والأمطار نتيجة وقوعها في مجري السيل ناهيك عن البرد القارس الذي يتميز به شتاء الصعيد وما سوف يعقبه من أمراض وبطالة.. أليس من المنطقي أن نوحد جهودنا في مبادرة أو اثنتين فقط يكون لهما قوة دفع إعلامية وإرادة رئاسية أو شخصيات فنية أو رياضية مقبولة تقود تلك المبادرة بكل إخلاص وجدية.. أتخيل مثلا لو أن لاعبي المنتخب الوطني لكرة القدم بعد فوزه الكبير علي غانا أعلن عن مشاركته في تلك الحملة.. وكذلك العديد من الفنانين الكبار اللذين يتمتعون بشعبية جارفة.. وأيضا الأنبا تواضروس بابا الكنيسة الأرثوذكسية بما له من تأثير ومحبة في قلوب إخواننا الأقباط ومنهم الآلاف من رجال الأعمال المخلصين.. والدكتور أحمد الطيب شيخ جامع الأزهر وتاريخه المشرف في أعمال الخير خاصة في الصعيد.
أعلم أن هناك أصواتا سوف تقول إن هناك العديد من الصناديق والجمعيات تلعب هذا الدور بجدية وإخلاص.. وأنا هنا لا أعترض بل أثمن ما تقوم به تلك الجمعيات بالفعل.. ولكنني أتحدث هنا عن تلك الفترة الزمنية القصيرة وتلك المنطقة الجغرافية تحديدا ألا وهي فترة الشتاء ولعل النجاح الإعلامي الذي تحقق مؤخرا كما أشرت هو الذي دفعني لإطلاق تلك الفكرة لعل هناك من يتبناها من أبناء هذا الوطن المخلصين وما أكثرهم بإذن الله.
وتحيا مصر
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف