التحرير
خالد محمود
في حفلة عيد ميلاد الرئيس
اليوم السبت فى المساء، سيلتف طاقم مكتب الرئيس حوله ليهنئوه بعيد ميلاده.. فى وقت لاحق سيجلس إلى أسرته كالمعتاد.. سيأكل قطعة من تورتة عيد الميلاد التى تزينها صورته وعلم مصر بألوانه الثلاثة المبهرة.. سيلقى نظرة على شاشة التليفزيون، سيتلقى الاتصالات الهاتفية المعتادة من وزيرى الدفاع والداخلية ورئيس المخابرات.. لن ينسى أن يلقى نظرة خاطفة على تقرير يومى خاص يتضمن خلاصة الشائعات المتداولة عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى.. حين يدخل إلى حجرة نومه أخيرا، ستنتابه الدهشة.. ذلك وطن يضم غيره من الرؤساء والمحللين.. ثمة جيش آخر غير الذى نعرفه.. بل ربما أكبر عددا وإن كان أقل عدة.. فى عامه الثانى والستين، سيكون قد انتصف تقريبا العام الثالث فى ولايته الرئاسية الأولى.. أين كان هو قبل عشرين عاما أو ربما قبل ثلاثين ربيعا، أو قبل خمسين خريفا... كشريط الأخبار الذى يبرق أسفل شاشة التلفاز، ستمر قصته التى يعرفها.. سيبتسم بعض الشىء، وربما كان ليصلى ركعتين قبل النوم.. لكنه لاحقا سيفقد تلك الضحكة العابرة.. الوجوم والصمت، سيلاحقان وجهه المتسمر فى الفراغ.. قبله فقد رئيسان المنصب فى ثورتين متتاليتين.. ملابس السجن التى حلت مكان البدل الرسمية المصنوعة خصيصا لفخامة الرئيس، بلونها الأزرق لن تفارق مخيلته.. ربما سيمد يده إلى المصحف الموضوع إلى جواره ليقرأ ما ينسيه تلك الأفكار.. الدرويش الكامن فيه سيخرجه من عتمة الشك إلى يقين الميلاد.. الصوفى المتجول والقابع بداخله سيرسل إليه عبارات طمأنينة.. مئات الـ"لو" ستتصارع فى رأسه.. وحده الرب يعرف كيف ينام الرئيس.. كل ميلاد وأنت بخير يا ريس.. واليوم لم يكن بخمر ليكون فى الصباح أمر.. بل ربما ستكون أمور أكثر مما تحتمل.. لا بأس إن تمرست، فلا شىء يمكن أن يحدث ما بين ليلة وضحاها سوى ما يريده الله.. ماذا سيكون عليه الأمر مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وكيف نقنع أشقاءنا فى السعودية أن الخلاف فى الرأى لا يفسد للنفط أو بالأحرى للود قضية فى اليمن أو سوريا أو العراق.. هل سنتمكن من عبور تلك الضائقة المالية؟ وحده الرب يعرف إجابات تلك الأسئلة التى تحوم كالفراشات المحترقة حول الرئيس المهموم.. حسنا، ليأخذ الرئيس إجازة رسمية.. وليحتفل مع خاصته وأسرته بعيد الميلاد كما ينبغى.. فلاحقا، لدينا عمل، وعمل كثير.. لكن انتظروا، ولا تطفئوا شمعة العيد، فالرئيس القادم كدعوة من السماء، يريدها أن تبقى مشتعلة ومنيرة، تماما كمصر التى فى مخيلته وأحلامه.. فلتنم ملء عيونك إذن، ولتهدأ بالا ولتقر بشعبك عينا.. كل سنة وأنت رئيس يا سيسى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف