هذا المقال كتب أثناء تولي مسئولية المستشار عدلي منصور مسئولية حكم البلاد.. وأجد أهمية تستدعي إعادته اليوم لنؤكد صحة ما توقعناه من أن هذه الأمور لم تحدث من قبل بهذا الشكل وأن عدلي منصور ما كان يحكم وإنما الحكم كان لمن يحكم وحكم بعد ذلك... فمجرد برنامج يذيع لمواطن بسيط سائق توك توك يعصف بالبرنامج ومقدمه عمرو الليثى... وبمجرد أن وقفت نقابة الصحفيين تعد المشانق لنقيبها واثنين من أعضاء مجلسها ويتم جرجرتهم على المحاكم... وفي أول مرة في تاريخها يحاكمون ويصدر الحكم بحبسهم... وبمجرد أن يتحدث رئيس أكبر جهار رقابي يزج به على البرش.. وبمجرد أن تنشر الصحف رأيا مخالفا أو مانشيت يقتحم الرقيب مطابع الأهرام ليقوم ببتر ما نشر.
عودة.. سيف الرقيب
عادت من جديد سلطة الرقيب لتكون سيفا على رقاب أصحاب الرأى والفكر بعد أن كانت اختفت حتى فى عصر الفساد والاستبداد.. عهد ما قبل 25 يناير.. عاد الوجه القبيح للرقيب ليفرض نفوذه ويكشر عن أنيابه فى وجه كل من يريد أن يقول رأيًا مخالفا أو معارضا لسلطة لا ندرى من هى.. أهى.. سلطة المشير السيسى.. أم هى سلطة الرئيس القاضى منصور.. أم هى سلطة تدير البلاد من خلف ستار.. أعاد الرقيب وتربع على عروش الفضائيات والصحف رافعا سيفه على كل صاحب رأي.. فأخطر أنواع الرقيب هو ما يتلبس الجبناء مدعي الحرية والفكر.. فقبل أن يطلب منه عدم استضافة شخص ما.. أو يمنع مقالاً لكاتب ما.. ليتفضل متطوعا بتقديم فروض الولاء والطاعة لما استشعره من سيده الرقيب.. عاد مقص الرقيب ليمنع من يريد أن يقول رأيًا مخالفا فى الفضائيات.. أو يكتب مقالا ينتقد فيه رأس نظام لم يعلن عنه حتى الآن.. هناك طرف غائب على مائدة الفضائيات لا يتمكن من إبداء رأيه حتى يحكم الناس.. أن يُمنع مقال للكاتب بلال فضل قرأه الجميع.. بل معظمه ومضمونه كتب قبل ذلك فى أحد كتب الكاتب محمد حسنين هيكل لمجرد تلميح فضل للسيسى.. ما حدث لم يحدث لا فى عهد مبارك.. ولا فى عهد المجلس العسكرى.. ولا حتى فى عهد الإخوان.. ولا أعتقد أن القاضى عدلى منصور الذى يعلم تماما حقوق وحريات المواطن.. ولا الببلاوى الذى مارس هواية الكتابة فى الصحف يلجأ الى مثل هذا العمل.. اذن من هو الرقيب الذى أصبح مسلطًا سيفه على رقاب الكتاب وأصحاب الفكر والرأى المعارض فى هذا البلد.. هل هو الخوف والهلع من نظام حكم قادم؟ أو هو قائم بالفعل؟.. إذن ما هو سر صمت المجلس القومى لحقوق الانسان عما يحدث فى هذه البلاد من تكميم للأفواه وإهدار لكرامة الانسان وحرياته وحقوقه.. وإذا كنا جميعا نرفض الإرهاب بكافة أشكاله ومسمياته خاصة ما يحدث فى سيناء.. بالاضافة إلى ما يحدث من عمليات إرهابية وتفجيرات تستهدف مواقع ومنشآت للدولة أو أفرادها.. ونرى هذا إرهابًا لابد من اقتلاع جذوره نهائيا.. أم أن يختلط الحابل بالنابل وتبدأ مسيرة قصف الأقلام واغلاق الصحف وفرض الرقيب سيفه داخل الفضائيات.. فهذا أمر مرفوض شكلًا وموضوعًا.. إننى أعتقد أن الفرصة التى تعطى اليوم والقنوات التى تفتح أبوابها على مصراعيها هى فقط للداعين إلى بحور من دم ورموز لفساد واستبداد انعدمت ضمائرهم لسنوات طويلة دون أن يقولوا يوما كلمة حق لله الواحد القهار.. لم نسمع حتى الآن جريدة أو قناة تتبنى دعوة لوقف بحور الدم أو دعوة سلام للوطن.. وإنما نستمع لآراء معظمها ينافق ويطبل لنخلق ديكتاتورا.. وحتى نصنع هذا الديكتاتور لابد من وجود سيف رقيب لقطع رؤوس تفكر من أجل وطن.. ولقصف أقلام لم تعرف للنفاق طريقا.. غدا سيقصف رأس كل رقيب ،لن تموت أبدا كلمة حر فى وطن حر لشعب حر.