وجهت الحكومة خالص الشكر والتقدير إلي الشعب المصري الأصيل علي تفهمه لخطوات برنامج الإصلاح الاقتصادي. وإنجاح الإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها مؤخراً.. ومنها تحرير سعر صرف الدولار. ورفع سعر البنزين والمواد البترولية.
فعلاً.. هذا الشعب الصبور الواعي. يستحق أن تشكره الحكومة.. فقد احتمل الكثير.. احتمل ما هو فوق طاقة البشر.. لكنه ينتظر أن تشكره الحكومة بالأفعال لا بالأقوال فقط.. فما أسهل الأقوال التي سرعان ما تذهب أدراج الرياح.. الشكر الحقيقي المطلوب الآن.. هو أن تتم ترجمة مشاعر الامتنان التي تعترف بها الحكومة تجاه الشعب إلي أفعال.. خطط وقرارات تُيسر عليه مصاعب الحياة.
كل المسئولين في الدولة وفي الحكومة يدركون جيداً أن هذا الشعب العظيم قادر علي الاحتمال.. لكنه يعاني منذ أمد بعيد.. يعاني في عمله وفي طعامه وشرابه ومسكنه ومواصلاته.. يعاني من أجل لقمة العيش.. ومن أجل البحث عن عمل.. ومن أجل قضاء مصالحه.. يعاني في مرضه.. وفي تعليمه. وتعليم أبنائه.. يعاني حتي وهو يتنفس.. بعد أن أصبح الهواء الذي يتنفسه ملوثاً. يهدد صحته البدنية.
هذا الشعب يعاني أصلاً من قبل قرارات تعويم الجنيه وزيادة الأسعار.. وقد زادت معاناته.. ومع ذلك هو صابر ومحتمل.. ولذلك يجب علي الدولة أن تنظر إليه بعين العطف وعين الرحمة.. وأن تمد له يد العون لتساعده علي تجاوز هذه المرحلة الصعبة في حياته التي ابتلي فيها بالتقلبات السياسية والاقتصادية.. وواجه موجات متتالية من ارتفاع الأسعار.
الشكر بالكلام شيء جيد.. تعبير عن إحساس الحكومة بقدر هذا الشعب وقدرته.. لكن الشعب ينتظر أن تترجم الحكومة هذا الشكر الشفوي إلي شكر عملي.. ينتظر أن تعلن الحكومة عن برنامج واضح وإجراءات محددة في 3 اتجاهات متوازية.. تشعره بأن الحكومة لا تضحك عليه بالكلام.
* أما الاتجاه الأول: فيتعلق ببحث طرق ووسائل تحسين دخل هذا المواطن الصبور.. من خلال برامج حماية اجتماعية توجه للفئات الفقيرة والمتوسطة.. قد يكون ذلك في صورة علاوة اجتماعية للعاملين في الدولة. وأصحاب المعاشات توازي معدل التضخم الذي قفز بدرجات جنونية.. وقد يكون في زيادة الدعم العيني والنقدي بصورة ملموسة.. تشعر المواطن بأن الدولة تقف إلي جانبه ولا تتركه نهباً لأصحاب المال والأعمال والتجار والسماسرة.
* والاتجاه الثاني يتعلق بتصحيح منظومة العمل وضبط الأداء في الوزارات والمصالح الحكومية من أجل تحسين مستوي الخدمات التي تقدم للمواطن.. في التعليم والصحة والمواصلات العامة.. باعتبار هذه الخدمات هي اللبنة الأولي في صرح العدالة الاجتماعية.
* أما الاتجاه الثالث. فيتعلق ببرنامج شامل ومحدد لمحاربة الفساد والقضاء علي كل صوره وأشكاله في المجتمع.. فالشعب الذي يحتمل المعاناة ويصبر علي إجراءات التقشف التي يدفع ثمنها الفقراء ومحدودو الدخل فقط. بينما تنعم القطط السمان بما حققته من مكاسب وأرباح خيالية من مرحلة التقلبات.. هذا الشعب يتطلع إلي الإجراءات التي ستعيد له حقوقه. حتي تعتدل كفة الميزان.. وستعيد للدولة حقوقها لدي السماسرة الذين زوجوا المال بالسلطة فأفسدوهما معاً.
ويوم أن يشعر الشعب بأن الحكومة تقف في خندقه وتدافع عن قضاياه.. وتسعي بالفعل ـ وليس بالقول فقط.. من أجل تخفيف معاناته.. ستكون قدرته علي الاحتمال أقوي.. وتكون مناعته أشد في مواجهة فيروسات الفساد والإفساد.
نحن شعب طيب.. لا يجري وراء دعوات العنف.. ولا يستجيب لدعوات التحريض.. لذلك يستحق هذا الشعب أن يعيش كريماً معززاً.. وأن تكون حكومته علي قدر وعيه وصلابته.