المصريون
عبد القادر وحيد
"زرافة"..إبراهيم منير
أثار الحوار الذي أجراه القيادي الإخواني ونائب المرشد إبراهيم منير مع موقع عربي 21 ردود أفعال واسعة ، وصار المتابع محصورا بين التصريح والتصريح المضاد. فريق ينفي المصالحة وآخر يؤكد صحة الحوار ولكن ليس هي المصالحة المطلوبة أو التي يريدها الشعب ، وعند السؤال عن طبيعة المصالحة تجد أنك تدخل في تيه التعريفات والتحليلات التي تتحول إلي ما أشبه بالمثل الفلكلوري " دويخي يا لمونة". والحقيقة أن التصريح والتصريح المضاد داخل جماعة الإخوان ما هو إلا ردود فعل للحفاظ علي الجاه أو متغيرات تم التعبئة لها سلفا علي أساس مسلمّات وثوابت ، فبات التخلص منها هو العبء الحقيقي لأنه الجراحة الحقيقية لاسئتصال أمراض مزمنة وليس كبسولات لتسكين الداء . ما يحدث في حوار الأستاذ إبراهيم منير يذكرني بما حدث قبل في حوار مزلزل داخل الجماعة الإسلامية منذ 14 عاما للقيادي السابق ومؤسس الجماعة الإسلامية "كرم زهدي" في حوار أجراه معه عبد اللطيف المناوي بصحيفة الشرق الأوسط وقتها وذكر فيه أن السادات مات شهيدا وهو ما نفاه قطعا وأكد وقتها أن الكلام من نسج المناوي وفق شهادات معظم قيادات الجماعة وقتها ، ومن عاصر هذه الحقبة يعلم مدي وقع هذا التصريح علي قواعد الجماعة. الحقيقة تكمن في ضرب مسلّمة كانت تربت عليها القواعد ما جعل القيادة تدفع ثمنا باهظا نتيجة عملية شحن تعبوي تم فيه الخلط بين المتغير والثابت. عدم مراعاة تربية الأفراد علي الثوابت والمتغيرات بات عائقا كبيرا في التصالح مع الذات داخل الحركة الإسلامية، فداخل بعض مدارس الحركة يتم تربية الفرد علي عدم التعلق بأي شخص مهما كانت رمزيته لأن العصمة للنبي المعصوم فقط - وهو شيء جيد وناجع- ، لكن سرعان ما يتم حصار هذا المفهوم وتفريغه عبر وسائل وآليات تنظيمية تجعلك مأسورا في رأي أشخاص بعينهم. في الاعتذارات الدبلوماسية عن التراجع عن المكتوب تحضرني ما كان أحد أسباب "نكبة الفيلسوف ابن رشد" أنه حينما ترجم كتاب الحيوان لأرسطاليس ذكر فيه : أنه وجد الزرافة عند ملك االبربر يقصد- المنصور الموحدي- ما كان يمثل إهانة لشخصية السلطان ، وبعد 3 سنوات قضاها في السجن كان العفو السلطاني بتقديم اعتذار من ابن رشد أنه ما قصد ذلك وأنه أراد "الزرافة عند ملك البرّين"- المغرب والأندلس- ولكن الخطأ جاء من كاتبه والذي سمع منه بطريق الخطأ. ربما كان هذا مقبولا في العصور الوسطي أو نادرة من نوادر السلاطين مع مقربيهم احتوتها بطون كتب التاريخ ، أما الآن مع سيل المعلومات بات التصريح والتراجع عنه لا يليق بزرافة العصور الوسطي ، خاصة حينما يكون التصريح في قضايا الكل فيها يحبس أنفاسه فإن الكلام بهذه الطريقة السهلة أشبه بـ"الظرافة" وليس الزرافة بعقول الآخرين.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف