عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. الحكومة والبرلمان.. ضد الشعب!
لماذا تتعمد الحكومة إخفاء الحقيقة لحجم ما نستورده.. فهل ذلك لأنها لا تعلم حجم هذه الواردات، وبالتالى لا سلطان لها عليها، أم تعرف وتخشى أن تقول الحقيقة.. ويعرف الناس حجم عجزها عن مواجهة مافيا الاستيراد.. وإن تحججت بالخوف من عقوبات يمكن أن تفرضها منظمة التجارة علينا بحجة أن مصر تحارب مبدأ حرية التجارة.
ولقد حرصت ـ مثلاً ـ طوال مشاركتى فى مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ على أن أحضر ورش العمل الاقتصادية.. علنى أعرف رقماً محدداً لحجم هذه الواردات واعترف أننى عجزت.
<< فقد صرح وزير المالية بأرقام.. وصرح وزير التجارة بأرقام.. بل وصرح رئيس الحكومة بأرقام أخرى.. وانتقلت العدوى إلي حتى أساتذة المالية والاقتصاد سواء فى الجامعات، أو مراكز الدراسات.. فهل نحن ـ فعلاً ـ نجهل حجم ما نستورده أم تخشى الدولة أن يعرف الشعب نوعية ما نستورده، ويحصل المستوردون على الموافقات اللازمة.. أم أن مافيا الاستيراد صارت لها الكلمة الأولى فى هذا العالم الرهيب.. أقول ذلك لأن هناك من يقول إننا نستورد بحوالى 80 مليار دولار فى السنة.. وهناك من يقول 70 ملياراً.. بل هناك من يقول إنها أكثر من ذلك وربما تتجاوز «85» مليار دولار، بينما ما نقوم بتصديره يدور حول «20» مليار دولار.. وبسبب هذه الفجوة التى تتجاوز ثلاثة أمثال الصادرات ـ على الأقل ـ يزداد الطلب على الدولار.
<< وأسأل هنا: هل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب تعرف الرقم الحقيقى أم هى تماماً، مثلنا.. نحن الشعب، آخر من يعرف!! رغم أن الرقابة المالية على أعمال الحكومة هى المهمة الأساسية أمام البرملان.. بل ما قامت فكرة البرلمانات إلا لهذا السبب، أم أن البرلمان ـ وبالتالى لجنته الاقتصادية يعلم.. ولكه يعجز عن إعلان الناس بهذه الحقيقة شديدة المرارة.
<< وأقول بكل بساطة إن عجز الحكومة عن اتخاذ قرار بالحد من الواردات وراء هذا التقييم المتعمد الذى يجعل الحكومة تكتم الأرقام الحقيقية.. وبالتالى تجعلها لا تنشر على الناس قوائم هذ ه الواردات حتى نطالب الناس بإجبار الحكومة على تقليصها، لعل وعسى نتمكن من إنقاذ ما بقى من العملة الوطنية. وبالتالى نتساءل: لماذا لا تعلن الحكومة هذه.. وتلك، أقصد الرقم الحقيقى لحجم ما نستورده.. «ثم نوعية ما نقوم باستيراده.. وسواء كان السبب الأول، أو السبب الثانى هو ما يغل ـ أو يشل ـ يد الدولة فإن الواضح أننا تتحكم فينا دولة أخرى هى دولة مافيا الاستيراد.. حتى ولو كانوا من مستوردى اللب الأسود.. والكاجو والفستق أو السيمون فيميه!!
<< ولكن يبدو أن البرلمان المصرى.. ليس مع الشعب المصرى.. وأنه ليس رقيباً على أموال الحكومة، بل هو الرقيب الأول على الشعب نفسه.. بدليل أننا ونحن معرضون لقضايا اقتصادية رهيبة لم نسمع أن هذا البرلمان قد ناقش هذه الأوضاع.. أو شارك فى بحثها ومحاولة حلها.
وما دمنا أمام حكومة لا تجرؤ على إعلان حجم صادراتنا.. وبرلمان لا يناقش أوضاعنا الاقتصادية.. فإننا نتوقع أن تفعل الحكومة أى شىء.. وللصحافة المصرية «كل الحق» فى تجاهلها لما يدور داخل البرلمان وداخل لجانه.
<< اللهم إلا إذا كنا نعيش عصراً تتحالف فيه الحكومة مع البرلمان من أجل هدف واحد.. هو التعتيم وإخفاء كل شىء عن الشعب.. ولهذا نعيش الآن عصر التحالف بين السلطة التنفيذية.. والسلطة التشريعية.. ويتبقى لنا أن نقرأ الفاتحة.. للسلطان!