البديل
أحمد بان
من يحمى حق الحياة؟
يبدو السؤال مشروعا فى مصر اليوم بعد أن أصبحت حياة الجميع مهددة، إما فقرا وإما قهرا وإما خطأ أو بالحرمان من مقومات الحياة حتى لو امتلكت ثمنها.
بعيدا عن التهويل أو التهوين تبدو السلطة غير أمينة على أهم واجب من واجباتها وأهم حق من حقوق الناس وهو الحق فى الحياة.
هل من المعقول ان يتم اتخاذ قرار تعويم الجنيه، دون أن توعز الدولة عبر قنواتها ومؤسساتها لوزارة الصحة بأن تؤمن إحتياجات القطاع الصحى سواء العام او الخاص؟!.
هل من المقبول أن يخرج علينا موظف رسمى فى وزارة الصحة، ليقول لنا أن إحتياجات المستشفيات الجامعية، التى تخدم 17 مليون مواطن هم أفقر شريحة فى هذا البلد، غير قادرة على تلبية احتياجاتهم بفعل نقص المخزون من بعض الأدوية والمستلزمات الطبية خصوصا ما يتعلق منها بالغسيل الكلوى وغيرها من الأمراض المزمنة، وأن هذا المخزون من بعض الأدوية والمستلزمات لا يكفى بالكاد سوى عشرة أيام، أي جريمة تلك.
العبقرى الذى اتخذ قرار التعويم، ألم ينتبه لهذا الأمر وهو يتبجح بأنه سيتم وقف الاستيراد لثلاثة شهور.
بالمناسبة الإهمال وضعف الكفاءة أيضا ظلم عظيم يحاسب عليه المسؤول أمام الله. لقد يأسنا من أن يحاسب أحد فى هذا البلد على أى جناية بحق بنيه، خصوصا أن مصر واقعيا بلا برلمان بعدما تحول البرلمان الى أحد غرف السلطة التنفيذية، يبصم على قرارتها دون مناقشة أو تعقيب بل ويؤمن لها التشريعات المطلوبة دون قيد أو شرط.
خرجت السيدة الفاضلة الدكتورة منى مينا بتصريح تقول فيه بأنه صدرت تعليمات شفهية للمستشفيات الحكومية، أن تستخدم سرنجات الحقن أكثر من مرة فى قفز على أبسط قواعد السلامة الطبية، وبالرغم من اللغط الذى أثير حول دقة التصريح فأنا شخصيا أتوقع أن البعض قد يكون واجه بذلك الأمر عدم كفاية المخزون من السرنجات الطبية، فى ظل الحظر المؤقت على الاستيراد فى إطار إجراءات تبدو غير مدروسة جيدا لتعويم الجنيه، وتعكس مع غيرها من القرارات حالة التخبط والعشوائية التى تسم أداء السلطة عموما.
تبدو كل طرق الحياة فى مصر مقطوعة بمن يهددها، سواء برعاية حكومية كاملة أو بغياب حكومى وحقوقى كامل.
تمضى مسيرة عمل أقسام الشرطة على قديمها دون أى تغيير ، فلازال لسان حال الكثيرين يقول ما قاله مدير أمن على مرمى حجر من ثورة يناير، “نحن أسيادهم وسنبقى كذلك” أو كما خطب الضابط الشاب فى جمع من زملائه قائلا “اللى يمد إيده على سيده تقطع “، ولأن يناير لم تنجح فى تغيير أى شىء سوى ما تبقى من أخلاق الناس، فقد تكفلت فئة واسعة من ضباط الشرطة بإذلال المواطنين والحط من كرامتهم، ثم فى الأخير تخليصهم من الحياة إن تمسكوا بما تبقى من كرامتهم، بفعل التعذيب الذى تعارفت الشرطة على اعتباره لونا من ألوان التأديب الذى يستهدف مهمة سامية هى إستعادة هيبة الدولة، التى تعارف النظام السياسى على تعريفها بأنها إشعار المواطنين بالخوف الدائم من الدولة ومن بزة الشرطة، التى لازالت نصوص الدستور تعرفها باعتبارها هيئة مدنية!.
تلك الهيئة المدنية التى قامت يناير من أجل إصلاحها تجبرت أكثر وأكثر بعدما أعادت تعريف يناير بأنها النكسة التى تجاوزها جهاز الشرطة بسرعة لافتة، وأصبح كل من يتعرض لنقد أدائها يوصم بأنه شخص عميل مأجور، يسخر من تضحيات الشرطة التى تقدمها ليل نهار، وأصبح من نافلة القول أن نقول قبل أى نقد أننا نقدر تضحيات جهاز الشرطة العظيمة، ثم ننتقد برفق لايصل الى عقل أو قلب هيئة هى بطبيعتها لا قلب لها، ومع ذلك نقول أن هذه الهيئة فى معظمها تحتاج الى إصلاح، وأن الصالح فيها قليل بدليل أن همة هذا الجهاز تتراجع فى مكافحة الجريمة الجنائية، بينما تتنمر فى مواجهة الناشط السياسى والحقوقى والمعارض السلمي.
الشرطة بممارساتها تهدد حق الحياة مرتين مرة بعدم نهوضها بمهمتها فى مكافحة الجريمة الجنائية، ومرة بعدوانها على المواطنين ممن يضعهم حظهم العاثر تحت قبضة ضابط شرطة، يحب البعض أن يدعى فى التبرير له أنه يتعرض لضغوط جمة ، أو غيرها من المبررات والذرائع التى تستهدف صرف الأنظار عن عقيدة الشرطة التى لم تتغير، والتى جعلتهم يأنفون من شعار الشرطة فى خدمة الشعب فحولوه عمليا إلى الشعب فى قبضة الشرطة، فى ظل كل ما يجرى نسأل إذا كنا بلا برلمان وبلا حق فى التظاهر وبلا نظام مسؤول وبلا صحافة حرة، فمن بربكم يحمى حق الحياة؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف