المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
برامج.. حتى مطلع الفجر!
أو بعنوان أكثر إثارة: التليفزيون يشجع على الكسل! بل ويدمر الاقتصاد القومى.. فهل هذا متعمد؟!

ودعونا نسأل: ما معنى أن يستمر برنامج واحد 4 أو 5 ساعات؟.. ومن يملك أعصابه ووقته حتى يظل يحملق فى شاشة التليفزيون كل هذه الساعات؟.. هل هو سباق بين القنوات للسيطرة على أكبر نسبة من المشاهدين؟.. وهل المطلوب هنا هو الحصول على نسبة أكبر من كعكة الإعلانات، التى هى وراء تعدد هذه القنوات؟.. إننى أعتبرها مؤامرة لضرب الاقتصاد القومى.. حتى يسهر الناس إلى ما بعد منتصف الليل، وربما إلى ساعات الفجر الأولى.. وهل يملك كل مشاهد القدرة على الصمود أو يغلق الجهاز لينام حتى يستيقظ مبكراً ليذهب إلى عمله منتعشاً.. ولا ينام فى المكتب إن كان موظفا.. أو «يعسل» وهو يقف أمام الماكينة التى يعمل عليها.. إن كان أُسطى صنايعى.. أو ليسابق الطيور وهى تخرج من أوكارها لتبحث عن رزقها بمجرد شروق الشمس.. أما هو «الإنسان» فيذهب إلى الأرض التى يزرعها.. كما كان يفعل الآباء والأجداد.. أم الكل- بعد أن يطول به السهر- ليس أمامه إلا أن ينام إلى الضحى.. وهذا من أهم أسباب انهيار الإنتاج.

والمشكلة أن ذلك ينطبق على محطات التليفزيون الرسمى.. والخاص خصوصاً، وأن المصرى يهوى السهر.. ومن لا يملك جهازاً فإنه يذهب إلى الكافيهات فى المدن، أو فى المقاهى فى العزب والكفور.. وإذا كنا أيام هوجة أفلام الفيديو نشكو من سطوة هذه الهوجة.. فالفيديو لم يكن يتوقف عن العمل.. ومن يرد فعليه أن يطلب. الآن أصبحت الفضائيات هى المسيطرة.

والمؤلم أننا نعرف مخاطر هذه العملية.. ونعانى من ارتفاع أجور الفلاحين، وهذا أدى إلى ارتفاع تكاليف أى إنتاج زراعى أو صناعى، وفقدنا بذلك ما كان شائعاً من رخص أجور القوى العاملة.. ولذلك نجد أن سعر القمح المصرى أغلى من القمح الأمريكى والكندى والأوكرانى والأرجنتينى!! وكذلك سعر الأرز المصرى، بل والسكر المصرى.. دون أن نعترف بأن وراء ذلك انخفاض ساعات عمل المصرى مهما كان موقعه.

ودون أن نلقى السبب على هذا التليفزيون، نرد على الذين يقولون إن من لا يرد المشاهدة فعليه أن يغلق الجهاز!! لأن النفس أمارة بالسوء.. خصوصاً أنه، حتى فى الريف المصرى، من المقاهى ما يستقبل قنوات غير مهذبة على القمر الأوروبى أو غيره.. وهؤلاء يقولون إن معظم دول العالم تسمح باستمرار البث التليفزيونى على مدار ساعات الليل والنهار.. هنا أقول إن المواطن فى هذه الدول يعرف مصلحته.. بل ومخاطر تأخره عن الوصول إلى موقع عمله.. لأنهم- هناك- يعرفون أن أى مخالفة فى الوصول إلى العمل تعنى فصله، أى طرده من العمل، إلا نحن، لأنه نادراً ما نتشدد فى فرض أى عقوبات تصل إلى الفصل.

هنا يصبح القرار قومياً.. أى نحدد ساعات البث التليفزيونى.. ونعترف بأن التليفزيون الرسمى المصرى لجأ إلى هذا القرار عندما حدد ساعات إرسال القنوات الإقليمية، فى الدلتا.. وفى الصعيد، وهى غالباً ما تنهى إرسالها حوالى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، إدراكاً منه بأهمية تشجيع الناس- فى الأقاليم- على النوم مبكراً.. حتى ولو كان بعد منتصف الليل بساعة!! وقد يقول البعض إننا لو حددنا ساعات البث فى مصر، فماذا عن قنوات أخرى خارجية يستمر البث فيها إلى ساعات الفجر الأولى.. وهل علينا أن نبحث عن حل علمى يجعلنا نتحكم فى ساعات إرسال هذه القنوات الخارجية؟

■ ■ وأعترف بأن البرامج الحوارية والسياسية بالذات فقدت بريقها، أو معظمه على الأقل.. وبالتالى لم تعد جاذبة للمشاهدين كما كانت فى السابق، ولكن ماذا عن الأفلام والمسلسلات وغيرها؟.. فهل نحتاج إلى قرار سياسى، أم نجد من يرفض بحجة أننا نحجر على المواطن المصرى، أم الحل يكمن فى تغليظ عقوبات المتكاسلين عن العمل؟

■ ■ أم الحل هو فى زيادة أسعار الكهرباء، وبالذات بعد منتصف الليل للحد من ساعات السهر بعد هذه الساعة؟

■ ■ وقد يقال: وماذا عن كبار السن المحالين إلى المعاش، أى لا يعملون؟.. هنا نقول إن هؤلاء نادراً ما يسهرون إلى ما بعد منتصف الليل. ونحن نحلم بأن يعود الإنسان المصرى إلى سابق عهده، فيصلى الفجر ثم ينطلق إلى محل عمله.

أم نفرض ضرائب عالية على القنوات التى يستمر البث بها إلى هذه الساعات المتأخرة؟.. المهم أن نحاول إنقاذ مصر.. بإنقاذ اقتصادها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف