الوطن
أحمد ابراهيم
تجربة د. غنيم فى إصلاح الصحة
أزمات يومية يشهدها قطاع الصحة وسوف تستمر لأن التعامل مع مشاكل الصحة ما زال كغيرها بنظام المسكنات وعلاج للعرَض وليس للمرض، فحينما تحدث أزمة فى الدواء نفتح باب الاستيراد للأدوية وحينما تحدث أزمة فى نقص التمويل نجمع التبرعات للمستشفيات... وهكذا، سياسة رد الفعل دون وجود رؤية واضحة لمنظومة صحية تقدم الخدمة الطبية للمواطن على أساس حالته المرضية وليست المادية، ونحن مصممون على اختراع العجلة فى الصحة مثل غيرها من القطاعات الأخرى ولا نريد الاستفادة من التجارب الدولية أو حتى التجربة المصرية المحترمة المطبقة بالفعل فى مركز الكلى بالمنصورة والتى أثبتت نجاحها على مدى أربعين عاماً متواصلة وهى تجربة العالم الجليل د.محمد غنيم، رائد زراعة الكلى فى الشرق الأوسط، والتى تعتمد على الفصل بين العام والخاص، فمن يتفرغ للعمل فى المستشفى يغلق عيادته الخاصة وهذا النظام خلق لنا أهم مؤسسة طبية وتعليمية وبحثية فى المنطقة ولها سمعة دولية محترمة جعلتها قبلة المسالك والكلى فى العالم ورغم أنها مستشفى حكومى والعلاج فيها بالمجان ولكنها قطعة من أوروبا وأمريكا وكل المسئولين المصريين انبهروا بها ولكنهم لم يفكروا فى تعميم هذا النموذج المصرى على كل مستشفياتنا ومن خلاله نستطيع القضاء نهائياً على مشاكل الصحة المزمنة، أيضاً وبصفة د.غنيم عضواً فى المجلس الاستشارى لرئيس الجمهورية وبالاشتراك مع نخبة من عمالقة الطب منهم د.مجدى يعقوب، د.أحمد عكاشة، د.محمد أبوالغار، د.رشاد برسوم، وممثلين عن نقابتى الأطباء والصيادلة وبتكليف رئاسى قاموا بوضع استراتيجية متكاملة للصحة تقوم على توحيد جهة العلاج والتمويل والاهتمام بالأطباء وبالتمريض ورفع مستواهم الفنى والمادى، الاستراتيجية فيها تفاصيل كثيرة ومنذ عام ونصف العام دخلت مكتب وزير الصحة ولم تخرج وللأمانة ليست هذه هى المحاولة الأولى لإصلاح حال الصحة فهناك محاولات كثيرة وقانون شامل للتأمين الصحى فى الوزارة منذ 30 سنة والله أعلم متى يخرج أيضاً للنور!!

تلك هى تجربة د.غنيم فى إصلاح الصحة والتى يجب الاستفادة منها، أما عن د.غنيم نفسه فهو شخصية فريدة وأسطورة مصرية حقيقية يجب تدريسها لطلابنا وشبابنا كنموذج وطنى محترم قدم خدمات جليلة لوطنه بدون صخب أو ضجيج إعلامى أو انتظار لأى مقابل ومنذ تخرجه فى قصر العينى والتحاقه بالعمل فى طب المنصورة، سخّر حياته لخدمة لبلده فلم يفتح عيادة خاصة ولم يحصل على جنيه واحد من مريض وحياته كلها كانت وما زالت للمرضى الفقراء، أسس لمصر قلعة طبية نفخر بها، كان دائماً بعيداً عن الأضواء، يسافر خارج مصر لإجراء جراحات أو إلقاء محاضرات متبرعاً بأجره لصالح مركز الكلى، لم يهرب من المسئولية أو يهاجر مثل كثيرين وأفنى عمره وسط فقراء المرضى.. د.غنيم كان أولى بالحصول على قلادة النيل من بعض الذين حصلوا عليها ولم يقدموا شيئاً ويملأون الدنيا ضجيجاً خلال زيارتهم القصيرة للقاهرة، كما أننى أستغرب من كُتاب الدراما المصريين الذين يدمرون المجتمع بالنماذج السيئة (البلطجية وتجار المخدرات والراقصات) والتى يقدمونها فى المسلسلات والأفلام رغم أن لدينا شخصية مثل د.غنيم وغيره حياتهم وأعمالهم الجليلة تستحق أن يشاهدها المواطن فى عمل درامى يمنحه الأمل فى مستقبل أفضل وقدوة إيجابية يُحتذى بها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف