اللواء د. محسن الفحام
إلي الأمان - فخور بكم .. يا حماة الوطن
في إطار تواصلي المستمر مع طلبة السنة النهائية بكلية الشرطة هذا العام اتصل بي أحدهم وسألني عما إذا كنت قد اطلعت علي ما جاء بجريدة المصري اليوم بعنوان "ثقوب في البدلة الميري" في تحقيق صحفي من تناول بعض السلبيات في أداء جهاز الشرطة أن هناك أحكاماً قضائية لم تنفذ ضد بعض أفرادها وبعض العناوين المثيرة بها مثل "حاميها حراميها" و"الأمن الوطني.. وأمن الدولة.. وجهان لعملة واحدة" وغيرها من العبارات التي تشكك المواطن في رجال الشرطة.. بل ولدي هذا الطالب وزملائه الذين ينتظرون الساعات قبل الأيام ليتخرجوا هذا العام وينضموا إلي كتيبة الأبطال من رجال الشرطة في كل المواقع التي يشغلونها.
وبمراجعتي لهذا التحقيق الصحفي وجدت مجموعة من شباب الصحفيين قد بذلوا مجهوداً كبيراً في حصر بعض التجاوزات التي وقعت من أعداد قليلة من أفراد هيئة الشرطة وكذلك في حصر بعض القضايا والأحكام التي صدرت في حق بعضهم وعناوين أخري ملفتة للقارئ العادي.. ولكنها لم تكن بالنسبة لي كذلك فقد استشعرت أن وراءها أغراضاً أخري قد تكون مقصودة وقد تكون غير ذلك ولكنها يجب أن تؤخذ محل الاعتبار في كل الأحوال.. كما وجدت أن وزارة الداخلية قد أصدرت بياناً للرد علي هذا الموضوع كما تقدمت ببلاغ ضد بعض من قاموا به من منطلق انهم قد اتبعوا أساليب غير مهنية تسيء لهيئة الشرطة.. والواقع أنه لم يكن تركيزي علي هذا الموضوع برغم أهميته وخطورته في هذا التوقيت بالتحديد والذي يجب أن تتضافر فيه جميع القوي والهيئات ومنها الصحافة والإعلام للعبور بالوطن في هذه المرحلة الصعبة التي يحاول فيها الإرهاب تصدير صورة للعالم الخارجي بأن مصر في حالة غليان ورفض للواقع الحالي بعد طرد جماعة الإخوان من حكم البلاد وللداخل بأعمال التخريب والترويع التي تستهدف فيها حالياً المواطن البريء قبل رجال الشرطة الشرفاء.. بقدر اهتمامي وتركيزي علي رؤية أبنائي طلبة كلية الشرطة لهذا الهجوم غير المبرر علي ذلك الجهاز الذي نتشرف جميعاً بالانتماء إليه.. وبدأت أتحدث مع البعض منهم عن تلك التضحيات التي يقدمها إخوانهم من رجال الشرطة يومياً وكيف يتصدون للأعمال الإرهابية التي يتعرضون لها والتي كان آخرها استشهاد العقيد وائل طاحون والعقيد شريف مناع ومعهما العشرات من الضباط والأفراد. وأن تلك التجاوزات التي رصدتها تلك الصحيفة لا تمثل بأي حال من الأحوال أي انتقاص من الدور الوطني الذي يقوم به رجال الشرطة فالكمال لله وحده.. عندما نتحدث عن 31 حكماً قضائياً بحق بعض الضباط والأفراد من ضمن ما يزيد علي ثلاثين ألف ضابط وأربعمائة وخمسين ألف أمين شرطة وفرد أمن بالوزارة هل تمثل هذه النسبة شيئاً يذكر؟.. عندما نتحدث عن النجاحات التي بدأ قطاع الأمن الوطني في تحقيقها والضربات الاستباقية التي استهدفت مؤخراً قيادات تلك الجماعات الإرهابية وأدت إلي تفريق جمعهم وتخبطهم.. بل واعتراف بعضهم حالياً علي بعض هل هذا يعني عودة أمن الدولة إلي ما كانت عليه؟.. عندما نتحدث عن قيام الوزارة بتخصيص أرقام تليفونات لاستقبال شكاوي عن تجاوزات أي رجل من جهاز الشرطة.. هل يكون ذلك إحدي وسائل التهرب من المسئولية أم أنها تؤكد علي احترام حقوق الإنسان بالرغم من كيدية معظم تلك الشكاوي للأسف من المغرضين والمرضي النفسيين؟
وكم كانت سعادتي عندما تأكدت أنهم جميعاً علي مستوي المسئولية وان كل ما يحدث ويحاك حول جهازهم العتيد ما هو إلا محاولات يائسة لن تثنيهم عن أداء واجبهم تجاه وطنهم ولم أكن أتخيل أيضا مدي إلمامهم بتفاصيل كثيرة حول ما يدور داخل البلاد من مؤامرات وشائعات تهدف إلي تقويض مسيرة التقدم والأمن.. وكان من أهم ما جاء في حديثي معهم تلك المقارنة الذكية التي طرحها أحدهم بين الإخوان المسلمين والشيعة وأن هناك علاقة واضحة في توجهاتهما معاً فكلاهما يعتنق فكرة التقية وهي تبرير الكذب فالغاية عندهم تبرر الوسيلة.. وولاية الفقيه في الشيعة يقابلها ولاية المرشد في الإخوان ومعظم الإخوان لا يتزوجون إلا من بعضهم مثل الشيعة.. ومن منا ينسي تلك العبارة التي رددها الإخواني صبحي صالح عندما قال "اللهم أمتني علي دين الإخوان" وليس دين الإسلام.
هؤلاء الشباب لديهم قناعة بأنهم جميعاً مشروع شهيد ولكن فداء للوطن وليس فداء للمال أو الإرهاب.. ولديهم قناعة أيضا أن الإرهاب إلي زوال مهما زادت عملياته الجبانة والخسيسة.. وتحدثوا أيضا عن ضرورة التعامل مع شباب الجامعات الذي تم استقطابه وتلويث أفكاره بتلك المعتقدات المشوهة عن الدين والوطن.. وعن أطفال الشوارع وضرورة العمل علي تحويلهم إلي أدوات فاعلة لصالح المجتمع وأن تتضافر جهود جميع الجهات المعنية لمواجهة أعدادهم المتزايدة ووضع حلول مقبولة ومجدية لهم ولوطنهم.
هذه الدفعة يا سادة من طلبة كلية الشرطة التي سوف تتخرج هذا العام بإذن الله قد التحقت بهذا الصرح الأمني العظيم في ظروف بالغة الصعوبة والخطورة حين كان ذلك في شهر أكتوبر 2011 وفي ذروة أعمال الإرهاب والشغب والعنف الذي شهدته البلاد.. ولم يزدهم ذلك إلا إصراراً وتأكيداً أنهم سوف يواجهون المخاطر بكل ثقة وشجاعة.
كم أنا فخور بكم يا رجال الغد.. كم أنا فخور بكم يا حماة الوطن أنتم ومعكم رجال القوات المسلحة البواسل الذين يتعرضون كل يوم للموت في مواجهة خفافيش الظلام.. لقد تأكدت منكم ان أي محاولة من تلك المحاولات التي تستهدف النيل والتشكيك في رجال هذا الجهاز برغم اعترافنا بوجود بعض السلبيات ومن الشرف والأمانة ألا نتجاهلها لن تزيدنا إلا إصراراً علي مواصلة الكفاح لدحر أعداء الوطن من تجار الدين والسلاح والمخدرات والإرهاب ولا يفوتني هنا إلا أن أوجه الشكر والتقدير لقيادات وضباط أكاديمية الشرطة علي هذا المجهود الذي بذلوه طوال العام لصقل هؤلاء الرجال وتهيئتهم النفسية والذهنية والبدنية ورفع روحهم المعنوية لمواجهة أعداء وطنهم والمساهمة في تحقيق الأمن والأمان لشعب مصر العظيم.. وتحيا مصر.