لا شك أن مباراة مصر وغانا والاهتمام الشعبي والحكومي والإعلامي الذي صاحبها سواء قبل بداية المباراة أو بعد انتهائها بفوز مصر بهدفين نظيفين والفرحة العارمة التي عمت مصر وخصوصا بين أوساط الشباب بعد هذا الفوز الصعب فتح مجالا كبيرا للحديث عن علاقة السياسة بالرياضة وارتباط الأحداث بعضها ببعض وهل يتم استخدام الانتصارات الرياضية أحيانا لتحقيق بعض المكاسب السياسية أو توجيه الرأي العام بعيدا أو صوب قضية معينة اقتصادية كانت أو اجتماعية أو حتي سياسية؟
وحقيقة الأمر أن معظم وجهات النظر التي استمعت إليها كانت تحمل بعض الوجاهة أو علي الأقل جانبا من الحقيقة التي من الصعب إنكارها.
فعلي سبيل المثال لا يستطيع أحد أن ينكر دور الرياضة خصوصا كرة القدم صاحبة الشعبية الأولي في العالم وفي مصر بالطبع في التأثير علي المزاج العام والحالة المعنوية لعدد لا بأس به من أفراد الشعب المصري والانشغال الذهني سواء في المتابعة أو المناقشة أو التحليل الذي يبتعد بالشخص قليلا عن همومه ومشاكله بل أحيانا يؤدي النصر الرياضي إلي إسعاد الشعوب ورفع الحالة المعنوية لتحمل مشاق الحياة وصعوبتها حتي يقال إن الانتصارات الرياضية للمنتخبات الوطنية هي ثالث الأمور التي تجمع الشعب الواحد بعد الحرب ضد الأعداء والثورات الوطنية.
كما أن الرياضة بصفة عامة - من وجهة نظري - هي واحدة من القوي الناعمة التي تمتلكها الدول وتقارب في ذلك الكثير من أنواع الفنون مثل السينما والمسرح والموسيقي وغيرها. وأعتقد أن دولة مثل البرازيل قد نالت جانبا كبيرا من شهرتها العالمية والسياحية والقدرة علي تسويق منتجاتها بسبب منتخب كرة القدم البرازيلي بقيادة الجوهرة السوداء بيليه عندما أحرز كأس العالم ثلاث مرات في 12 عاما فقط في كل من السويس 58 وشيلي 62 والمكسيك 1970. وكانت الصحف البرازيلية قد أطلقت عام 1950 علي خسارة المنتخب البرازيلي علي ملعبه في المباراة النهائية لبطولة كأس العالم أمام أورجواي أنها كارثة وطنية ¢National disaster".
هذا وقد أسهمت بعض اللقاءات الرياضية في حل بعض المشكلات السياسية بين الدول مثل مباراة تنس الطاولة بين الصين والولايات المتحدة والتي أذابت كثيرا من الجليد في العلاقات بين الدولتين بينما أثارت بعض اللقاءات أيضا المشكلات مثل ما حدث بعد مباراة مصر والجزائر عام 2009 في التصفيات المؤهلة لكأس العالم وقد تم بفضل الله إزالة هذه الآثار نهائيا بدليل أن أول زيارة خارجية للرئيس عبدالفتاح السيسي بعد انتخابه عام 2014 رئيسا للجمهورية كانت لدولة الجزائر الشقيقة.
وأحيانا كثيرة تشاهد ملوك ورؤساء دول ورؤساء حكومات الدول الديمقراطية العظمي مثل انجلترا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة في بعض مباريات المنتخبات الوطنية لهذه البلاد ويؤكد المراقبون والمحللون السياسيون أن هذا الأمر يؤثر إيجابيا علي شعبية هذه الشخصيات. بل وتؤثر أيضا اللياقة البدنية العالية وممارسة الرياضة بشكل منتظم علي تقييم المرشحين للانتخابات الرئاسية خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية. ونري جميعا العديد من نجوم الرياضة علي مستوي العالم بعد اعتزالهم قد انشغلوا بالعمل السياسي ووصلوا أحيانا لمناصب عليا ساعدتهم في ذلك الشهرة التي نالوها خلال مسيرتهم الرياضية.
وأعتقد أن الحديث عن استخدام الانتصارات الرياضية أو الرياضة عموما لتغييب الشعوب أو إبعادهم عن القضايا الوطنية الأساسية أصبح أمرا مستحيلا أو علي الأقل مستبعدا في ظل منابر الرأي المختلفة التي تصل للجميع عبر الوسائط التكنولوجية الحديثة المتعددة والتي يستطيع كل مواطن أن يراها أو يسمعها أو يقرأها ويستوعبها ويعتقد فيما يحصله منها ما يراه. ويبقي احترامنا وتفهمنا لجميع وجهات النظر المختلفة مستمرا ومؤكدا.
ويبقي حلمنا في وصول منتخبنا الوطني بإذن الله إلي كأس العالم روسيا 2018 مرهونا بمؤازرة جماهير الشعب المصري وخصوصا الشباب.