المساء
أحمد معوض
كلمة ونصف .. سلفني شكراً


الصديق تامر حمدي عشرة عمر من أيام الجامعة. الحقيقة يتمتع بقدرة علي الإقناع غير عادية. واعترف أننا لا ندخل في رهان إلا وكان هو الكسبان.
ولما كان حديث الشارع المصري كله خلال الآونة الأخيرة في الاقتصاد فقد جمعني بتامر حديث الطبقات فمن وجهة نظره أن موجات الغلاء المتوالية لا يتأثر بها سوي ما كان يسمي بـ "الطبقة المتوسطة".
في البداية استغربت وحاولت أن أقنعه بأن الطبقة الفقيرة بالتأكيد ستنكوي بنار الغلاء أكثر من غيرهم. ولكنه كالعادة أقنعني بالأدلة المادية والبراهين وأكد أن المواطن الفقير يعرف سقف طموحاته جيداً. فهو يستطيع أن يمشي أموره بجنيه فول و2 جنيه طعمية و50 قرش عيش وعادة ما يكون عمله بجوار محل إقامته إن لم يكن هو المحل نفسه فلا يتأثر بأسعار الوقود أو المواصلات.
لم أستوعب الفكرة في بادئ الأمر. حتي ماجت بنا أمواج جديدة وعتية من ارتفاع الأسعار وجمعني حديث آخر بالمستشار عادل النجار المحامي المخضرم الذي كان يشتكي من ارتفاع تكلفة غيار زيت السيارة والفلتر إلي 325 جنيهاً بدلاً من 195 جنيهاً مرة واحدة وتساءل كيف تستقيم الأمور وكل شيء في ازدياد جنوني وموارد الدخل ثابتة لا تتحرك؟!
وجدتها فرصة وقلت اشتكي حالي لمعالي المستشار فمن الواضح أنه هو الآخر بدأ يدخل في دائرة المعاناة المادية. وقلت له إنني منذ 6 أشهر تقريباً وأن أكمل آخر 10 أيام من الشهر "سلف" فقال لي مبروك أنت هكذا تركت الطبقة المتوسطة وقاعدتها "الجاي علي قد اللي الرايح" ودخلت في الطبقة الفقيرة فقلت له لكن تامر حمدي "مأكد لي" إن الطبقة الفقيرة لا تعاني وأنها أقل تأثراً. فرد: "أصل انت لسة جديد علي الطبقة"!
فكرت للحظات. ما هي النظرية الاقتصادية التي اعتمد عليها تامر حمدي والمستشار عادل النجار في رؤيتهما للوضع الاقتصادي في مصر حالياً. وتذكرت ما قرأته قديماً عن "التكيف". فهذا الرجل الفقير استطاع أن يكيف نفسه طوال هذه السنوات علي الفقر وتداعياته. الأكل علي القد بصرف النظر عن النوع أو التنوع. المدارس حكومية. وإذا خرج الأولاد من المدرسة فياهلا وألف هلا. فرصة للالتحاق بالعمل في أي ورشة والمساهمة في مصاريف البيت!
أما الطبقة المتوسطة فقد اعتادت علي مستوي معيشي لا بأس به. مدارس تجريبي أو لغات. اشتراك في أحد الأندية. سيارة. والأكل يحتوي علي لحوم وخضراوات وفاكهة. فعندما تجد نفسها فجأة تهبط بسرعة الصاروخ فهنا يغيب عنها مبدأ "التكيف" وتلجأ لـ "السلف"!
الناس بتجوع ياريس.. امتي بقي هانبقي "كده"؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف