نبيل فكرى
مساء الأمل .. "فكرة لبكرة"
ألوم نفسي أحيانا قبل أن يلومني صديق متفائل دونما سبب أو بسبب: هل كل ما حولك غالبا كما تكتب.. لا أمل فيه؟.. هل الفساد كثير ومتسيد ومتجذر إلي هذه الدرجة؟.. أما من سبيل إلي أمل كما هي زاويتك أم أن الاسم ليس له نصيب من السطور؟ لديّ حق ولديكم.. لكن يبدو أننا أكثر ميلا للدراما.. هكذا نحن.. ألا ترون أننا حتي إذا ضحكنا تشاءمنا "اللهم اجعله خير".
وأدرك أن دور من يكتب.. كما يرصد عليه أن يبصِّر.. أن يبحث عن منافذ للنور. وأن يبني نوافذ في الأبنية الصماء والجدران السوداء.. ربما نخشي أن نوصم بأننا غير متخصصين ولا خبراء.. لكن ماذا جنينا من الخبراء والجهابذة والعباقرة طوال عقود مضت سوي التخلف؟.. لا بأس أن نقول وأن نطرح.. ربما لا يمتلك القائمون علي الهيئات والوزارات رؤي.. ربما هم كما قلت ومعظمهم بلغوا من العمر أرذله مشغولون بأمراضهم العضال فلا يفكرون إلا فيها.
في سنوات عملي بالإمارات كنت أتابع باهتمام جلسات العصف الذهني التي تنظمها الحكومة - نعم الحكومة - بحضور القادة والوزراء. للعصف الذهني.. يجلس الشباب والفتيات.. الكبار والصغار.. يطرحون أحلاما وأفكارا وأمنيات لبلدهم. وفي نهاية تلك الجلسات التي تتواصل ليومين أو ثلاثة. يجدون لديهم خمسة آلاف أو عشرة آلاف فكرة. منها ما لا يقبل التطبيق. ومنها الموجود بالفعل. ومنها الأحلام الوردية. ومنها علي الأقل عشرون أو ثلاثون فكرة مبتكرة.. قابلة للتطبيق وتساهم في نهضة بلدهم. وعلي الفور. تتحول إلي برامج عمل وقرارات وتأخذ دورها في التنفيذ.. ما الذي يضيرنا لو عملناها؟.. كل في محافظته أو في هيئته أو مؤسسته.. المهم أن نفتح نوافذ للغد بدلا من هذا الملل وهذا النعاس الذي يغشانا.
وعملا بهذا العصف فقد داهمتني فكرة تحتلني منذ فترة تراكمت تفاصيلها فوق رأسي في محطة القطار والمترو واللذين أستخدمهما بكثرة لماذا هذا الإهدار لثروات بلدنا في محطات القطارات والمترو.. لماذا هي ليست أكثر من مبان فارغة لا دور لها سوي التسليم والتسلم.. تسليم الركاب وتسلمهم.. لماذا لا تستثمر في مشاريع للناس؟.. محلات ومجمعات ومولات.. علي الأقل لتدر عائدا يغنينا عن الجباية " عمَّال علي بطَّال".. محطات القطارات والمترو الفارغة ثروات تقدر بالمليارات. تستطيع الحكومة إذا ما امتلكت رؤية واضحة لاستغلالها وطرحها للاستثمار أن تجني منها عشرات الملايين شهريا تغنيها عن زيادة أسعار التذاكر. وربما تدر عائدا يجعل تذاكر "الغلابة" بالمجان.
في زيارة إلي تايلاند. أبهرتني احدي محطات المترو.. كانت عالماً بأكمله.. المحطة ذاتها في "مول".. لا مانع في طريق العودة من العمل أن تتسوق بدلا من أن تحمل احتياجاتك فوق كتفيك تجوب بها الشارع.. كانت المحطة في بانكوك رحلة ونزهة وحياة.. بينما المحطات هنا مساحات خالية ومهدرة.. مساحات كتلك التي في الرءوس.. لليأس والوداع فقط.
ما قبل الصباح:
لو كنت مخولاً باختبار الوزراء لامتحنتهم في مادة "التعبير".. العاجزون من لا يمتلكون رؤية وحلماً.