الأخبار
محمد فتحى
في العضل .. عيد ميلاد (بابا الكبير) الشهير بطلعت !!
لو كان الأمر بيدي، لقررت أن تحتفل مصر عن بكرة أبيها بذكري ميلاد أبو الاقتصاد المصري طلعت باشا حرب، والذي اختصرناه، للأسف الشديد، في ميدان، وسطور متواضعة في كتب الدراسة، ولخصناه في تلقيبه بـ (مؤسس بنك مصر)، رغم إنه أعظم من كل ذلك..
في مثل هذا التاريخ، 25 نوفمبر، يطل علينا محمد طلعت محمد حسن حرب ابن البلد الذي ولد في الجمالية، والذي يكفي استلهام تجربته العظيمة للخروج من أي عنق زجاجة بدلاً من شعورنا الدائم بأننا (مترفعين) من اقتصادنا ب(رقبة إزازة).
طلعت حرب حافظ كتاب الله، والذي كتب مقالاً شهيراً عن الحجاب، وعارض قاسم أمين في دعوته لتحرر المرأة، هو نفسه دارس الحقوق الذي أحب الاقتصاد، وعلم نفسه اللغة الفرنسية حتي أتقنها، وهو ذاته مدير الأعمال الإداري النابه الذي وثق به عمر باشا سلطان، وذاع صيته وسط الأعيان، وهو بعينه من قاد مع محمد فريد حملة واسعة لرفض تمديد تمييز قناة السويس للإنجليز لينتهي في 2008 بدلاً من 1968، وهو نفسه الذي كره أن يكون الاقتصاد أجنبيا، والبنوك في أيدي الأجانب، فظل يطارد حلمه منذ كتب في عام 2011 عن (علاج الاقتصاد المصري وإنشاء بنك للمصريين)، وساعد في إنشاء شركات صغيرة تقرض المصريين وتحديداً الفلاحين، للتخلص من هيمنة الإقراض الأجنبي لهم. حتي تحقق حلمه وأنشأ بنك مصر. ولأنه عقلية إدارية جبارة وقائد حقيقي، طور الموضوع لشركات كتير تنشا تحت مظلة البنك وتشارك في دعم الاقتصاد المصري..
يعني سنة 1922 أنشأ أول مطبعة مصرية برأس مال قدره خمسة آلاف جنيه عشان يدعم الفكر والأدب ويقوي المقاومة الوطنية، ووصل رأس مال المطبعة بعد فترة لأكثر من 50 ألف جنيه. أنشأ شركة مصر للنقل البري اللي قامت بشراء أول حافلات لنقل الركاب، واشترت الشاحنات الكبيرة لنقل البضائع من الموانئ، وبعدها أنشأ البنك شركة مصر للنقل النهري وشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبري، وجاب خبراء، وأهل المصريين اللي موجودين وبعتهم بعثات وأنشأ مصنع حلج القطن في بني سويف، وأنشأ البنك (شون) لجمع القطن في كل محافظات مصر.
ليس هذا فقط، فقد ساهم طلعت حرب من خلال بنك مصر في إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما، وتوالت المصانع والإنشاءات، أنشأ شركات مصر للنقل والملاحة البحرية، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح، ومصر للصباغة، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لتجارة وتصنيع الزيوت، ومصر للمستحضرات الطبية، ومصر للألبان والتغذية، ومصر للكيماويات، ومصر للفنادق، ومصر للتأمين، كما أنشأ طلعت حرب شركة بيع المصنوعات المصرية لتنافس الشركات الأجنبية المملوكة لليهود مثل بنزايون - صيدناوي وغيرهم. وتعدي الأمر كل ذلك إلي تأسيسه شركة مصر للطيران كأول شركة طيران في الشرق الأوسط برأس مال 20 ألف جنيه، وبعد عشرة أشهر زاد رأس المال إلي 75 ألف جنيه، وقد بدأت الشركة بطائرتين من طراز »‬دراجون موت» ذات المحركين تسع كل منها لثمانية ركاب، وكان أول خط من القاهرة إلي الإسكندرية ثم مرسي مطروح، وكان الخط الثاني من القاهرة إلي أسوان. في عام 1934 بدأ أول خط خارجي للشركة من القاهرة إلي القدس.
طلعت باشا حرب الذي ربي بناته بعد وفاة زوجته، ثم ربي أحفاده بعد وفاة آبائهم لدرجة أنهم كانوا ينادونه (بابا الكبير)، هو نفسه من أقنع المصريين بقدراتهم مهما كانت حالتهم الاقتصادية، وكان يزور المدارس لكي يعلم الأطفال الادخار، ويوزع عليهم حصالات ويفتح لهم دفاتر توفير.
هذا الراجل (المجدع) شجع الناس علي الصناعة المصرية وشرائها كبديل عن البضائع الأجنبية، كما أسس بعض المفكرين جماعة »‬المصري للمصري» وعملت علي تشجيع المواطنين والتجار والمصانع للتعامل مع الشركات المصرية، وكانوا يستعينون به في السودان في بناء نظامهم الاقتصادي، وفي الحجاز ساعد في بناء مستشفي مكة الرئيسية، وتطوير مرفق الإسعاف، وساعد في مواسم الحج في استقرار العملة الحجازية وكانوا يعتبرونه بطلاً حقيقياً لأنه ساعدهم في هذا الأمر
تحية لروح طلعت باشا حرب، وفي انتظار (بابا) كبير آخر يحنو علي اقتصادنا، ويرأف بالغلابة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف