المساء
يسرى حسان
الحكومة فاهمة غلط
الحكومة عندها اعتقاد راسخ بأن جميع المصريين "مريشين" ويضعون أموالهم تحت البلاطة. عندما أعلنت البنوك عن شهادات أو ودائع بعائد سنوي 20% تدافع الآلاف لشراء الشهادات. تماما كما فعلوا عند تمويل قناة السويس الجديدة وجمعوا المليارات المطلوبة في ظرف ثلاثة أو أربعة أيام انتظارا للعائد وليس انعكاسا لوطنيتهم!
نعم هناك الآلاف من المصريين يحتفظون بأموالهم تحت البلاطة. وهم إما وارثون وإما تجار جشعون وإما موظفون لصوص. لا يوجد موظف شريف أو مواطن شريف عموما في مصر لديه أكثر من قوت يومه. ويوجد ملايين ليس لديهم هذا القوت أصلا.
ولأن الحكومة تظن أن المصريين أثرياء. أو علي الأقل قادرون علي التصرف. فهي تفعل ما بدالها. لا تكتفي برفع أسعار خدماتها. بل تترك المواطنين نهبا لجشع واستغلال التجار. حتي انك تجد السلعة الواحدة تباع بثلاثة أسعار مختلفة في ثلاثة أماكن مختلفة. دون أي رقيب أو حسيب. ولا تحدثني عن جهاز حماية المستهلك فهو في الأول والآخر جهاز حكومي. وأنا ليس لدي أي ثقة في أي جهاز حكومي. ودعك من الدعوة الخائبة لمقاطعة شراء السلع أول ديسمبر فالمواطن سيحصل علي احتياجاته يوم 30 نوفمبر وأهي فرصة لاصحاب المحال ليوفروا الكهرباء وأجور العمال... دعوة خائبة وغير مجدية. ولمجرد إثبات الحضور.
وإذا كانت قيمة الجنيه قد انخفضت بنحو 40%. وارتفعت أسعار كل شيء بشكل مرعب. ولم يقابل ذلك أي زيادة في المرتبات والأجور. فقل لي كيف يستطيع المواطن الشريف تدبير احتياجاته. كيف يعيش في هذا البلد الذي اقتصر العيش الكريم فيه علي 5% فقط من مواطنيه؟
تظن الحكومة ان المواطنين راضون عن الإجراءات. الاقتصادية العنيفة وغير الإنسانية الأخيرة.. بدليل سكوتهم. وهو ظن ليس في محله. فهناك من كان يدخر مبلغا بسيطا للطوارئ. وهناك من كان لديه مخزون من الأغذية في بيته. وعندما ينتهي كل ذلك سيجد نفسه في ورطة لا أحد يعرف كيف سيكون رد فعله تجاهها.
ومع زيادة الأسعار وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه وثبات المرتبات والأجور. تصر الحكومة علي غض الطرف عن الفساد المستشري في طول البلاد وعرضها. مع أنها لو واجهته ستوفر علينا عشرات المليارات المهدرة. كما انها ستشعرنا بجديتها وبأن هناك أملا في الغد. لكن سكوتها - وإن كنت آراه تشجيعا وليس سكوتا فحسب - يغلق كل أبواب الأمل تماما ويزيد من احتقان المواطنين الذين هم "علي الآخر الآن" وسوف ينفجرون في لحظة تربك حسابات الجميع.
لنفترض أن هناك برامج للحماية الاجتماعية. وسيارات توزع كراتين بأسعار مخفضة. فكم من المواطنين الذين تجاوزت أعدادهم التسعين مليونا يستفيد من ذلك؟ وأين الطبقة الوسطي من حسابات هذه الحكومة البائسة العاجزة الفاشلة؟
أزمة الحكومة ان المواطن بالنسبة لها غير موجود أساسا. وظنها أن سكوته حتي الآن علامة رضا. لذلك فهي تتصرف علي راحتها معتمدة علي جناحيها البائسين: الإعلام المدلس. والأمن الشرس.. وأقول لها كانوا نفعوا حسني مبارك!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف