أحمد عبد التواب
عشم الإخوان فى المصالحة..
لا تخلو بعض عروض المصالحة مع الإخوان من خفة الدم حيث أوهام الدهاء أن بإمكانهم أن يخدعوا شعباً بالكامل فيحصلوا على كل شىء دون أن يلتزموا بشىء! مثل كلامهم الأخير قبل أيام عن إبرام تسوية يشترطون فيها الإفراج عن سجنائهم وعودة المطرودين إلى منازلهم وأعمالهم السابقة! طيب، وبالمقابل، ماذا سيقدمون هم؟ يقولون إنهم لن يلتزموا بالاعتراف بالدولة! فهل هناك معنى آخر للمقصود بالدولة غير نظام الحكم الذى أطاح بهم تعبيراً عن الإرادة الشعبية؟ يعنى أنهم لم يُغيِّروا موقفهم المعلن منذ أيام رابعة! وأما التزاماتهم التى يظنون أنها ستجعل الشعب المصرى وصاحب القرار يلهثون وراء مصالحتهم فهى أنهم سيوقفون جميع العمليات المناهضة للدولة مما يؤدى (هكذا!) إلى تحسين الصورة الحقوقية للحكم فى الخارج.
يبدو أننا سنظل لفترة من الزمن فى مثل هذه الثرثرات التى يتطوع البعض للترويج لها بزعم أنه لا يمكن أن يتحقق الاستقرار السياسى والاجتماعى فى أى بلد فى العالم، كما يقولون، فى حالة استبعاد جماعة وحرمانها من الاندماج فى العمل السياسى. وهو طرح يتجاهل أن الدول الحديثة تخوض حروباً شرسة ضد جماعات ليست أخطر من الإخوان، لأن الدولة الحديثة لا تقبل أن يرفع أى تنظيم السلاح ضد أجهزتها وقواتها وضد مواطنيها. وأما الإخوان فقد زادوا على ذلك تبنيهم خطاب الكراهية، وتبعيتهم لتنظيم دولى يُدار بشكل سرى وبآلية غامضة فى اختيار قياداته وفى تحديد سياساته وفى جمع تمويلاته، كما أن قراراته المركزية تصير ملزمة لكافة تشكيلاته فى البلدان المختلفة، بما فيها مصر، ويصير لها الأولوية حتى إذا تعارضت مع القرار الوطنى ومع الاتفاق الشعبى! وقد اعترف بذلك صراحة مرشد الإخوان الأسبق المستشار الهضيبى لجمال عبد الناصر.
الإذعان لمثل هذه المصالحات استسلام من الدولة والمجتمع للإرهاب. فلا يمكن التنازل عن تجريم الجماعة ومحاكمة كل من تورط فى العنف، مع فتح الباب لغير المتهمين منهم، شريطة نسيان الجماعة وتنظيمها وأفكارها وسياستها، والانخراط فى العمل العام الملتزم بالدستور والقانون.