المساء
أحمد سليمان
هيبة الدولة.. من هيبة تليفزيونها
لن تجد الدولة أفضل من هذا التوقيت لكي تحيي تليفزيونها الرسمي من الموات. فالقنوات الخاصة وبرامج التوك شو ابتعدت عن المهنية بمسافات طويلة. وبدأ الناس يعزفون عنها بعدما أصبحت تركز علي الموضوعات التافهة وتستضيف شخصيات سطحية لتتحدث بأساليب خارجة عن اللياقة وتتناول قضايا بعيدة عن اهتمامات الناس حتي أصبحت البرامج الجاذبة لكل أفراد الأسرة الآن هي برامج "الطبخ".
مازالت الكفاءات موجودة في تليفزيون الدولة. ومازالت المهنية ومراعاة الذوق العام في تليفزيون الدولة. ومازال احترام المشاهد والضيف داخل الاستديو في تليفزيون الدولة. وسوف يعود الناس بسرعة لمتابعة الشاشة الرسمية بمجرد ظهور برامج تحترم عقليتهم وتتناول قضايا تهمهم وتناقش مشكلاتهم لتبحث لها عن حلول. وفي هذا الإطار فإن تليفزيون الدولة يتمتع بميزة نسبية بأن كل مسئولي الحكومة سيكونون ملزمين بالرد علي برامجه ولو بتعليمات عليا بدلاً من هرولة المسئولين الآن للظهور أو حتي لمجرد عمل مداخلة في أحد برامج التوك شو بهذه القناة الخاصة أو تلك.
قد كان غريباً أن نشاهد السيد رئيس مجلس الوزراء وهو يجري أول حوار تليفزيوني مع قناة خاصة وليس تليفزيون الدولة.. ففي هذا وحده ما يكفي للتدليل علي أن تليفزيون الدولة سقط من حسابات الدولة.
نعلم جميعاً أن مشاكل مبني ماسبيرو بالآلاف. وحلها يحتاج ملايين إن لم يكن مليارات الجنيهات ولكن لتعتبره الدولة استثماراً في العقول وسوف تجني مكاسب كثيرة إذا ركزت لفترة وجيزة في النهوض به.. فهو يعاني الأزمات منذ عشرات السنين وآن الأوان لحل مشكلاته حتي يقوم بدوه الوطني أمام التوجهات السيئة لبعض القنوات الخاصة والتي تسعي لهدم الوطن وإشعال المشكلات به لتزيد نسبة المشاهدة وتزداد حصيلة الإعلانات.
إذا أرادت الدولة النهوض بالتليفزيون الرسمي لها بجدية فعليها التفكير في عدة أمور قبل البدء في التطوير وهي:
- تغيير فكر المسئول عن تليفزيون الدولة سواء الموجود حالياً أو أي شخص آخر سيتم ترشيحه لتولي المسئولية في هذا التوقيت فلا يعقل في ظل تطور أداء المذيعين والمذيعات. والخروج بالكاميرات عن الاستديوهات المغلقة. واختيار الموضوعات الجاذبة للجمهور. واهتمام المذيعة بالأداء والموضوع أكثر من الشكل أن تخرج علينا المذيعة في التليفزيون الرسمي بينما كل همها أن تضع قدماً فوق الأخري وان يتدلي نصف الشعر علي أحد كتفيها وتلقي النصف الآخر إلي الخلف مع تركيزها علي الماكياج والرقة المصطنعة في الحديث.
هذا المشهد عفا عليه الزمن. وربما كان أحد أسباب انهيار تليفزيون الدولة. وإذا استمر مع التطوير المطلوب فإنه ينذر بإغلاق التليفزيون نهائياً وليس تحقيق خسائر فقط.
- لابد أن تضخ الدولة مبالغ مالية كبيرة في تطوير الاستديوهات وأماكن عمل الأطقم الفنية ومكافأة أي عنصر مبدع يضيف فكرة من خارج الصندوق لتحقيق مشاهدة عالية وتجذب معلنين إلي تليفزيون الدولة.
- الاستعانة بشخصيات لها قبول جماهيري لتقديم البرامج بعيداً عن هذا المذيع الأهتم وهذه المذيعة اللدغاء من قليلي أو عديمي الفكر والثقافة.
- نوعية البرامج المطلوبة الآن في تليفزيون الدولة يجب أن تكون متميزة لانها تقدم في مكان متميز وفي توقيت أكثر تميزاً لذلك لابد من تشكيل لجان من خبراء ماسبيرو لاختيار أفكار البرامج وانتقاء مقديمها لأن المنافسة ستكون قوية حتي تتم استعادة البساط من تحت أقدام الذين احتلوه في غفلة من الزمن.
وأخيراًَ. فانه يكفي شرفاً لكل العاملين في تليفزيون الدولة أنهم يعملون في جهاز تنقل عنه تليفزيونات العالم إذا أرادت التحدث عن مصر والموقف الرسمي لها. ويكفيهم شرفاً ان كل نجوم الفضائيات الآن هم زملاؤهم أو تلاميذهم. ولم يميزهم عنهم إلا الإمكانيات المادية التي وجدوها في القنوات الخاصة ولم يجدوها في تليفزيون بلدهم.
لكن بعد كل هذا هل نجد لدي الدولة الرغبة الجادة في تطوير التليفزيون الرسمي؟.. أظن أن ذلك لن يتحقق إلا إذا وجدنا الوزراء ومن قبلهم رئيس الوزراء يتهافتون لعمل مداخلة علي القناة الأولي والفضائية المصرية.. وقتها سوف نتأكد أن الدولة أصبحت تقدر قيمة الكنز الذي بين يديها والذي بإمكانه ان يدر عليها المليارات لو أحسنت استثماره بدلاً من تركه يتهاوي وتتهاوي معه هيبة الدولة التي أصبحت ملطش في أيدي بعض مقدمي برامج الفضائيات الخاصة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف