المصريون
رضا محمد طه
التبرير بالهوي
الذين يفكرون حسب أهواءهم وأمزجتهم أو بالاحري حسب مصلحتهم-التفكير الرغبي-تجدهم يبررون ويفسرون المواقف والأشياء وكذلك الأحداث حسب ما يرغبون ويحبون تحقيقاً لما قاله أحد المفكرين الذي قال أننا لا نرغب الشيء لأنه جميل وإنما هو جميل لأننا نرغبه. كثرت التبريرات المعكوسة والتي تصب في غير الصالح العام، وأصبحنا نقرأ أو نسمع عن مصطلحات مثل "الطرمخة" أو "التدليس" وتلك في الغالب تُستخدم في مجتمعاتنا خاصة من مقدمي برامج علي الفضائيات--لستر واقع أو حقائق موجودة بالفعل ويُعد كشفها في غير مصلحتهم الخاصة أومكاسبهم أو مصلحة من يستخدمونهم، فدائماً ما ينصح البعض منهم الناس بالتقشف وربط الأحزمة والبعض زايد-من المحسوبين فقهاء الدين-ونصح بالتأسي بالصحابة وأكل ورق الشجر، تبريراً في غير محله لبعض الأزمات المعيشية بالمجتمع، وبدلاً من أن نفكر ونجتهد-جميعاً وعلي قلب رجل واحد-لإيجاد حلول لتلك الأزمات كي نخرج منها بعافية وسالمين، نهيل عليها التراب تسكيناً للناس وإعتقاداً منهم أنهم يخدمون المسئولين بذلك، بينما مواجهة المشكلات والإعتراف بها هي أول خطوة في طريق الحل. إنتقلت ثقافة التبرير بالهوي الي الناس العاديين، ففي حوار بين إثنين أقرباء يشتكي أحدهما للآخر من الغلاء وذكر له مثلاً أن كيلو البطاطس وصل الي سبعة جنيهات، فرد عليه قريبه قائلاً: له ليس ضرورياً أن تأكلها، إلا أن السائل-إبن بلد-أجابه قائلاً تفتكر ما البديل، لحمة، همبورجر، جمبري أم كافيار؟ يا أخي البطاطس-وكذلك الباذنجان-عندنا صنف أساسي فمرة مهروسة أو مطبوخة أو محمرة وغيرها. البعض الآخر وفي ظل صعوبة الحصول علي السكر بالثمن الذي حددته وزارة التموين، تجدهم يقولون-وبكل بساطة-ناصحينً الناس بإيجاد بدائل للسكر مثل أن يقوم الناس بتحلية كوب الشاي بالملبس أو العسل وغيرها من الحلول التي تبتعد عن جذور المشكلة مما يُذكرنا بالشخص الذي عطل عنده صنبور الماء فأصبح يتساقط منه الماء، فما كان من هذا الشخص إلا أنه ولكي يُعالج المشكلة، ترك الصنبور بعطله وإستمر-فقط- في مسح ما يتجمع من ماء متساقط علي الأرض كل فترة. يفسر علماء النفس الأسباب التي تجعل الناس يبررون أخطائهم أو حتي أخطاء غيرهم من الناحية النفسية فيرجعونها إما للتعلق أو التثبت بمرحلة الطفولة وصعوبة الفطام والإعتماد عن الآخرين وذلك كما كان يحدث لهم مع والديهم، لذا تجدهم يعاندون ويكابرون ويرمون علي الدوام المسئولية علي غيرهم، هذا بالإضافة الي عدم تقبلهم النصيحة ومواجهة الآخرين بالجعجعة والإنفعال الشديد-أي غياب الثبات الإنفعالي-وهو ما نراه من بعض مذيعي التوك شو، والسلوك الأخير يأتي منهم تجنباً لإثبات فعل الخطأ عليهم لما كانوا يلاقونه من نقد وتوبيخ من المحيطين بهم جراء تصرفاتهم الغير صحيحة أثناء طفولتهم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف