الوطن
أحمد بهاء
حتى لا تموت صناعة البرمجيات المصرية
تتجدد الآمال فى مصر فى غد أفضل، وبالرغم من كافة التطورات السلبية الأخيرة بالسوق المصرية، إلا أن الكثيرين ما زال يحدوهم الأمل فى تحسن الوضع، آملين فى عبور هذه الكبوة الاقتصادية وخاصة بعد تحرير سعر الصرف، وما تلى ذلك من قرارات صعبة يرى كثير من الاقتصاديين أنها يمكن أن تؤدى فى النهاية إلى الوصول لمرحلة التعافى الاقتصادى، وهو ما نأمله جميعاً بإذن الله.

إلا أننى اليوم أتحدث بشكل دقيق عن صناعة طالما كانت أملاً لمصر فى تحقيق انطلاقة اقتصادية، وهى صناعة البرمجيات (وأقول البرمجيات وليس التكنولوجيا). ففى عام 2007 حققت هذه الصناعة صادرات بحوالى 700 مليون دولار، وفى 2010 اقتربت الصادرات من مليار دولار، ولو كانت الأمور قد سارت كما تم التخطيط لها لكان من الممكن أن تصل صادرات هذه الصناعة إلى 5 مليارات دولار فى 2020 وهو ذات الرقم الذى تدور حوله عائدات قناة السويس. لكن وللأسف وبسبب التطورات السلبية فى الأسواق مع بداية عام 2011 فإن صادرات هذه الصناعة قد تراجعت حتى وصلت طبقاً لأرقام 2016 إلى 91 مليون دولار فقط، وهو ما أدى إلى تراجع الدعم المقدم إلى هذه الصناعة والتحول إلى الاهتمام بصناعة التعهيد ذات العمالة الكثيفة والتى وصلت مصر فيها إلى المركز الرابع عالمياً قبل الثورة وكذا صناعة الاتصالات التى أدرت على خزينة الدولة هذا العام ملياراً وربع المليار دولار فى شكل تراخيص الجيل الرابع لشبكة المحمول.

لكن الواقع يقول إن صناعة الاتصالات فى مصر هى صناعة استهلاكية يملك أغلبها الأجانب. أما صناعة البرمجيات التى استطاعت بالفعل فى السابق تحقيق أرقام ضخمة فإنها صناعة إنتاجية، تتميز بغزارة المنتج بالنسبة لعدد الأفراد، وتستطيع أن تتحول إلى قاطرة مصرية للتنمية الشاملة فى الصناعة والزراعة والدفاع، وليس مثال الهند منا ببعيد. كما أن تلك الصناعة يمكن أن تحول العاصمة الإدارية إلى عاصمة عالمية المستوى وهو ما تفطن إليه الحكومة حالياً من خلال الاتجاه لاستخدام تقنيات إنترنت الأشياء بالعاصمة الجديدة. كما أن صناعة البرمجيات تعتبر الحاضنة الرئيسية لأغلب خريجى الحاسبات والمعلومات من الكليات المصرية، التى تتميز برقى مخرجاتها مقارنة بمدخلاتها، وليس أبلغ على ذلك من وجود مبرمجين مصريين متميزين فى أغلب المقرات الرئيسية للشركات العالمية بالخارج كأمثال ميكروسوفت، وأمازون، وأوراكل وفيس بوك، وآى بى إم وإى إم سى، وغيرها.

ولكى تستطيع هذه الصناعة العودة إلى مسارها الصحيح، فإن على الدولة أن تتخذ مجموعة من القرارات الحمائية الشجاعة والصعبة، مثل منح شركات البرمجيات (التى تتصف كلها علمياً بأنها صغيرة أو متوسطة) إعفاءات ضريبية لمدة خمس سنوات مثلاً، بالإضافة إلى إجراءات أخرى كثيرة لا يتسع النطاق للحديث عنها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف