الجمهورية
احمد المنزلاوى
دواء الجهل
خلت منه العيادات والصيدليات وبدا كأنه رابع المستحيلات ولا أمل يرجي من شفائه إلا في بعض الحالات.
داء بغير دواء. حيَّر الحكماء والأطباء وعدّوه من شر البلاء وطالما تكرر في قصائد الشعراء.
الجهل ضد العلم منه البسيط الذي يعني عدم المعرفة ومنه المركب إذا اجتمعت معه الحماقة واقترن بالعناد. يورد صاحبه موارد التهلكة ومجتمعه التراجع والتخلف.
والصعلوك من لا مال له والجاهل من لا علم له ويطلقون في بعض الدول العربية وصف الجهال علي الأطفال لصغر سنهم ونقص علمهم.
وأجهل العرب: أبو جهل عمرو بن هشام لتمسكه بالباطل وهو يعرف الحق.
والجهل أيضاً يعني فراغ القلب من الإيمان وكذلك الشطط في السلوك وغياب الحكمة جهل جهلا وجهالة فهو جاهل والجمع جهل بضم الجيم وتشديد الهاء وأيضاً جهلاء وجهال.
والجهلة: الصحراء الواسعة والجاهل من أسماء الأسد "له 500 اسم ووصف في اللغة العربية".
- وجاهل بالتجارة: لا يعرف أصولها.
وجهل الرجل: أصابه الجفاء والقسوة.
والجهول: شديد الجهل
يقول أبو الطيب المتنبي
ذو العقل يشقي في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ويقول الفرزدق في الفخر:
أحلامنا تزن الجبال رزانة
وتخالنا جناً إذا ما نجهل
الشاعر الأموي همام بن غالب سمي كذلك لغلظة في وجهه والفرزدق: قطع العجين أو الأرغفة غير المستوية تؤمن بالعبرة 114 هـ علي مشارف التسعين.
ويقول عمرو بن كلثوم في معلقته:
ألا لا يجهلن أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
توفي 600 م قبل البعثة النبوية بعشر سنين
من قبيلة تغلب. صاحب المعلقة الخامسة 100 بيت
وردت كلمة الجهل ومشتقاته 24 مرة في القرآن الكريم منها:
- "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين" "الحجرات 6".
- "قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين" "البقرة 67".
وعندما عبر أبو ذر الغفاري "رضي الله عنه" رجلا بأمه السوداء وعلم النبي صلي الله عليه وسلم فقال له "إنك امرؤ فيك جاهلية".
والجاهلية وصف للفترة الزمنية السابقة علي الإسلام في جزيرة العرب وأحوالهم وأخلاقهم وحياتهم التي قامت علي العصبية والقبلية والوثنية وانسحبت أيضاً علي معلقاتهم وقصائد شعرائهم أمثال طرفة بن العبد وامرؤ القيس وعمرو بن كلثوم وعنترة بن شداد والحارث بن حلزة وعبيد بن الابرص والأعشي ميمون ولبيد وغيرهم.
يقول الإمام الشافعي في أبيات الحكمة:
أعرض عن الجاهل السفيه
فكل ما قال فهو فيه
ويقول: ولا ترجو السماحة من بخيل
فما في النار للظمآن ماء
والسماحة هنا تعني الكرم
ويقول: كل العداوات قد ترجي مودتها
إلا عداوة من عاداك عن حسد
ويقول المتنبي:
لكل داء دواء يستطب به
إلا الحماقة أعيت من يداويها
جاءت من حماقة السوق: أي كسادها
رفض فساد الرأي وغياب الحكمة
ويقول الشاعر الحكيم:
وداء الجهل ليس له دواء
كحمي الربع في فصل الخريف
والربع بالضم: ربع الشيء وبالفتح الحي أو المنزل أو ساحته وحمي الربع مرض يصعب علاجه إذا جاء في فصل الخريف في اعتقادهم.
ويقول الجاحظ إمام الأدب في العصر العباسي في بيت "ينسب أيضاً لآخرين":
سقام الحرص ليس له شفاء
وداء الجهل ليس له طبيب
صاغ أحد الشعراء المستحيلات في بيت يقول:
قد قيل ان المستحيل ثلاثة
الغول والعنقاء والخل الوفي
والأول والثاني من الكائنات الخرافية والثالث الصديق الوفي.
وربما نجح الجاهل في التعافي من مرضه بفضل من الله واجتهاده في طلب العلم.
- يقول عز وجل: "وإذا مرضت فهو يشفين" "الشعراء 80".
ويقول سبحانه وتعالي: "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً" "الفرقان 63".
صدق الله العظيم
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف