المساء
محمد جبريل
كاسترو وغباء السياسة الامريكية
برحيل فيديل كاسترو يغيب عن عالمنا رجل من أهم رموزه النضالية:
عبدالناصر ولومومبا ونكروما وسيكوتوري وموديبو كيتا وجيفاراً والليندي وعشرات الثوار الذين تحددت أهدافهم في طلب الحرية. والتخلص من فساد الانظمة.. لكن الغباء الأمريكي دفعهم إلي اتخاذ مواقف معادية للسياسة الامريكية. رداً علي العداء الصريح في مواقف واشنطن.
تطورات ثورة كاسترو درس للغباء الامريكي. انعكست تأثيراته بالسلب علي الولايات المتحدة. رفض سياسة واشنطن مبدأ الثورة بصرف النظر عن دوافعها وأهدافها. حمل فيديل كاسترو السلاح برفقة راءول وجيفارا. ومئات المناضلين لتخليص البلاد من حكم باتستا. ذاعت علي مدي سنوات بشاعة حكم الدكتاتور. ومصادرته لأبسط حقوق المواطن الكوبي. وحين تهيأت النفوس للثورة. لجأ باتستا إلي أبشع الوسائل لكتمها. فلم يعد أمام كاسترو ورفاقه إلا حمل السلاح. وكان الارجنتيني جيفاراً واحداً من ثوار أمريكا اللاتينية الذين وجدوا في ثورة كوبا دفاعاً عن حق شعوبهم في الحرية. والتخلص من الانظمة الفاسدة.
الملاحظ- في الفترة التالية لنجاح الثورة الكوبية- انها خلت من أي بادرة عداء ضد الولايات المتحدة. لكن واشنطن أشفقت علي مصير أحد كبار عملائها في أمريكا اللاتينية. وخشية من أن تواصل عاصفة السكر- علي حد تعبير سارتر- رياحها علي دول الحديقة الخلفية للبيت الابيض. فقد واجهت الثورة بالرفض. وأخذ الرفض صورة العداء الصريح. متمثلاً في الغزو الذي دعمت به المخابرات المركزية بضعة آلاف من اللاجئين الكوبيين. لكنه مني بهزيمة ساحقة في منطقة خليج الخنازير. وكان للمؤامرات الامريكية تأثير يصعب إغفاله في إعلان هافانا اعتناقها الشيوعية. تأكيداً لارتباطها بالاتحاد السوفييتي. وهو ما تبدي في إصرار موسكو علي عدم رفع الصواريخ التي زودت بها كوبا. وتعقد الازمة بين كنيدي وخروشوف. حتي صارح كل منهما الآخر بعجزه أمام ضغط الرأي العام في بلاده. وانتهت الازمة برفع الصواريخ وتعهد واشنطن بعدم شن هجوم آخر علي الأراضي الكوبية. وان حاصرتها منذ أكتوبر 1960. وهو الحصار الذي أعلن أوباما إنهاءه. وتبع إعلانه بزيارة تاريخية إلي هافانا.
كما قلت. فإن العداء للولايات المتحدة لم يكن في بدايات الثورة الكوبية. القارئ لمذكرات كاسترو- عقب نجاح الثورة- يلحظ معاناته من الشيوعيين الكوبيين. وخذلانهم له في الكثير من عمليات الثوار المشتركة ضد جنود باتستا. لكن السياسة الامريكية مارست روتين غبائها بالصورة نفسها التي عاملت بها ثورة 23 يوليو في مصر. وثورات أخري في العالم. توالت المؤامرات المستترة والمعلنة. مما اضطر الثوار الكوبيين للبحث عن حليف في زمن تساوت فيه كفتا القوتين العظميين.
أسخف صور الغباء الامريكي. ما نشرته الصحف العالمية عقب نجاح ثورة كوبا. حاولت شركة "جيليت" إقناع كاسترو بأن يحلق ذقنه في صور دعائية لقاء حفنة دولارات. لم يظهر كاسترو غضبه وان قال لمسئولي الشركة في هدوء: اذكر أني وعدت ان أزيل ذقني بعد نجاح الثورة في تحقيق كل أهدافها!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف