الجمهورية
طارق الأدور
إعلام العار "3" تغطية الأندية بالأجر
تعلمنا في بلاط صاحبة الجلالة علي يد أساتذتنا العظام منذ ثلاثة عقود مضت أن كل خبر تكتبه لابد أن يكون له مصدر للتحقق من صحته قبل الكتابة.. لم يكن هناك هواتف محمولة أو مواقع الكترونية كما هو حادث الآن وإنما كانت كل معلومات الصحفي وقتها مستقاة من وجوده داخل الحدث وإلا فلن يكتب شيئاً ولن يجد ما يسطره بقلمه.
ربما لن يدرك أصدقاء المهنة الآن من الشباب الصغير ونجاحه من هم في أوائل العشرينيات كيف كانت الحياة الصحفية بدون الالكترونيات التي ولدوا وهي بين أيديهم.
كان الإعلامي يحضر التدريبات داخل النادي ثم يطير إلي جريدته بالمواصلات وأركز هنا علي الجريدة لأنه لم يكن هناك صحفي رياضي إلا في الصحف في وقت لم تكن هناك أي مواقع الكترونية أو وسيلة إعلامية أخري أو تليفون محمول يمكنك أن تتابع فيه مع المصدر الأخبار والأحداث داخل النادي.
بعد أن يقوم الصحفي بالكتابة كان عليه أن يعود للنادي مرة أخري ليلاً للتعرف علي كل الكواليس ولقاء الشخصيات الكبري من مجلس إدارة وأجهزة فنية وخلافه ليكون لديه النواة الصحفية للكتابة في اليوم التالي.
عفواً إخواني الصحفيين والإعلاميين فأنا واحد منكم وأعيش في نفس الأجواء ولكني غير راض عما يحدث لصاحبة الجلالة في العصر الحالي من مهانة وتراجع لأن ما سأقوله لاحقاً هو الواقع الذي يحدث منذ سنوات قليلة في التغطية الإعلامية للأندية وأصبح أبعد ما يكون عن المهنية.
في الماضي كان الصحفي يكتب بعيداً عن انتمائه الشخصي وقد يكون أهلاوياً ولكنه ينتقد الأهلي نقداً لاذعاً ولكن من خلال معلومة صحيحة وخبر سليم ورؤية شخصية وقد يكون زملكاوياً أيضاً ويوجه نقده للنادي ويتقبل الجميع.
لم يكن هناك ما يجري الآن من شرط أن يكون الصحفي زملكاوياً حتي النخاع ليقوم بتغطية الزمالك أو أن يكون أهلاوياً متعصباً حتي يغطي أخبار الأهلي.. فقد كنت أعرف عشرات الزملاء ممن لا ينتمون عاطفياً مع النادي الذي يقوم بتغطية أخباره لأن الحكم الأول والأخير كان المهنية التي يؤدي بها الصحفي عمله وقدرته علي إلقاء انتمائه تماماً خارج الكلمات التي يكتبها.
في المقابل كان المسئولون في الأندية وعلي رأسهم رؤساء مجلس الإدارة يقرأون كل خبر يكتب ويتفاعلون معه بإيجابية بإصلاح العيوب التي تتناولها الأخبار أو مجازاة المتسبب في الخطأ وقد شاهدت بعيني كثيراً تفاعل رئيس الأهلي التاريخي صالح سليم مع مثل هذه الأخبار دون أن يقدم مرة واحدة علي القيام بأي تفاعل مع كاتب الخبر لأنه كان يدرك تماماً قيمة الرسالة الإعلامية.
تابعت أيضاً كيف كان رؤساء الزمالك المتتابعين مثل محمد حسن حلمي وحسن عامر ونور الدالي وجلال إبرهيم يستقبلون الإعلاميين الذين يكتبون أخباراً حول سلبيات النادي أو فريق الكرة للوقوف علي الحلول.
يبدو أن هذا المنسق القديم لم يعد ليرضي المسئولين حالياً في الأندية فإما أن تكتب الإيجابيات فقط أو ستجد اسمك في اليوم التالي ضمن قائمة الممنوعين من دخول النادي أما التغطية الإعلامية المهنية فإلي الجحيم.
وزيادة في السيطرة علي الآلة الإعلامية ابتدعت كل الأندية الكبيرة والصغيرة تكوين لجأن إعلامية ربما كان الغرض منها في البداية حميداً بأن تكون هناك جهة داخل النادي مناطة بالتصريحات الرسمية أو التعامل مع الإعلام ولكن في باطنها كانت أكثر خبثاً من السرطان.
هذه اللجان الإعلامية أصبحت للأسف وسيلة لجذب الإعلاميين لأنها تمنحهم أجراً بشكل شهري فكيف بالصحفي الذي يعمل بهذه اللجان ويتقاضي أجراً من النادي أن يكتب أي خبر سلبي؟؟؟
الصحفي الذي يعمل في اللجان الإعلامية للنادي يخضع أيضاً لاختبارات ولاء من نوع خاص فيجب أن يكون متعصباً للنادي أكثر من الألتراس ويجب أن تربطه برئيس النادي ومجلس الإدارة علاقة صداقة وطيدة وإلا لن يحصل علي مليم من النادي ويجب أيضاً ألا يكتب كلمة ضد النادي حتي لو رأي أي منكر أمامه وإلا..
أما مهنية الصحافة وقيمها.. فإلي الجحيم!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف