فتحى محمود
الديمقراطية على الطريقة الكويتية
من حق كل كويتى أيا كان انتماؤه القبلى أو السياسى أو الاجتماعى أن يفخر بالانتخابات البرلمانية التى جرت يوم السبت الماضى لانتخاب مجلس أمة جديد, وقد تابعتها عن قرب، فى الديوانيات والندوات الاعلامية ولقاءات المرشحين ووسط الناخبين وداخل لجان التصويت، لأشاهد الملامح العصرية لواحدة من أعرق الديمقراطيات العربية.
وقد كان أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح محقا عندما قرر العودة الى الارادة الشعبية عند احتدام الخلاف بين مجلس الأمة السابق والحكومة، فى ظل التحديات الاقتصادية والأمنية التى تواجه البلاد، وقد ذكر ذلك فى مرسوم حل المجلس السابق عندما أشار الى بروز خلل في العمل البرلماني وتحول مجلس الأمة الى ساحة للجدل العقيم والخلافات وافتعال الأزمات.
مضيفا أن العمل البرلماني انطوى على انتهاك للدستور وللقانون، وتجاوز حدود السلطات الأخرى، وتدني لغة الحوار على نحو غير مسبوق تحقيقاً لغايات قصيرة ضيقة على حساب مصلحة الوطن، وأن حل البرلمان يستجيب لظروف إقليمية وتحديات أمنية تواجهها البلاد، حتمت اللجوء الى الشعب مصدر السلطات، لاختيار ممثلين له يعبرون عن تطلعاته، في مواجهة التحديات.
وهكذا عادت الكرة الى ملعب الشعب الذى حسم موقفه بتغيير 60% من أعضاء المجلس القديم، حيث نجح 20 نائبا فقط من أعضاء هذا المجلس بينما دخل 30 نائبا جديدا.
والديمقراطية على الطريقة الكويتية ـ كما رأيتها ـ استندت الى عدة عناصر منها: حرية الترشح فى اطار القوانين المنظمة لذلك،ومحكمة التمييز (تماثل محكمة النقض لدينا) هى التى تتولى الفصل فى طعون المرشحين، وهناك حرية كاملة فى الدعاية الانتخابية بجميع صورها، ونقاشات سياسية مهمة بين المرشحين الذين تتباين انتماءاتهم ومواقفهم السياسية والناخبين رغم عدم وجود أحزاب سياسية، واقتراع حر تحت اشراف قضائى كامل، ونسبة اقبال ضخمة جدا على التصويت من الناخبين، مع مراعاة العادات والتقاليد حتى بالنسبة للملابس المسموح الدخول بها للجان حيث تم منع الدخول بالشبرت والتيشيرت، وكذلك فرز الأصوات واعلان النتائج أولا بأول على الهواء مباشرة، وطوال هذه المراحل هناك متابعة اعلامية قوية وفق خطة محددة من وزارة الاعلام تطبق بدقة.
وقد لخص كل ذلك, رجل بذل جهدا ضخما فى انجاح تلك العملية حتى استحق شكر أمير الكويت, وهو وزير الاعلام ووزير الدولة لشئون الشباب فى الحكومة المستقيلة الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح فى خطاب التهنئة الى القيادة السياسية العليا والنواب الفائزين بنجاح الانتخابات البرلمانية الذى أكد فيه ان ديمقراطية دولة الكويت تجلت في ابهى صورها من الشفافية والنزاهة خلال يوم الاقتراع انتهاء باعلان النتائج النهائية الرسمية, وهو ما اكدته الوفود العربية والدولية الاعلامية المشاركة في تغطية سير العملية الانتخابية.
ولفت الى ما سبق يوم الاقتراع من حرية رأي وتعبير تنافس في اطارها المرشحون حبا في الكويت ترسيخا وتعزيزا لقيم الانتماء والولاء الوطني لتصبح الكويت هي الفائز الاول في المشهد الديمقراطي.
واشاد بجمهور الناخبين من اهل الكويت الذين سارعوا الى المشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري الوطني الذي يشكل محطة مهمة في مسيرة الديمقراطية الكويتية التي تمثل «نموذجا يحتذى به» من خلال الاقتراع لاختيار نواب مجلس الامة 2016.
وذكر الشيخ سلمان الحمود ان المجلس الجديد يقع على عاتقه الكثير من المسئوليات الوطنية في مجالي الرقابة والتشريع في ظل مرحلة بالغة الحساسية تعيشها المنطقة مؤكدا ايمانه بقدرة النواب المنتخبين على حمل المسئولية الوطنية والسير بسفينة الوطن الى بر الامان.
واشار الى التعاون الوثيق والتنسيق الكامل الذي ابدته كل الجهات الحكومية ذات العلاقة بالعملية الانتخابية ومؤسسات المجتمع المدني والوسائل الإعلامية الخاصة من صحافة وقنوات واعلام الكتروني ضمن الخطة الحكومية لانجاح هذا العرس الديمقراطي بكل سهولة ويسر.
واوضح ان تغطية العملية الانتخابية انطلقت منذ لحظة فتح ابواب لجان الاقتراع وحتى اعلان النتائج النهائية الرسمية مرورا بعملية فرز الاصوات على شاشة تليفزيون الدولة الرسمي وعبر اثير اذاعة دولة الكويت والمواقع الالكترونية الرسمية التابعة لوزارة الاعلام والحسابات الخاصة بها على وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك تطبيقات الاجهزة الذكية «ليكون العالم اجمع على صلة مباشرة بسير العملية الانتخابية لحظة بلحظة».
والحقيقة أن الوزارة وفرت جميع الإمكانات للصحفيين والاعلاميين الذين تابعوا الانتخابات من مختلف أنحاء العالم، وحرص طارق المزرم وكيل وزارة الاعلام على أن يتابع الصحفيون العرب والأجانب تفاصيل العملية الانتخابية بسهولة ويسر سواء خلال مرحلة الدعاية أو فى يوم التصويت ثم اعلان النتائج، بينما كان فيصل المتلقم وكيل الوزارة لقطاع الاعلام الخارجى حريصا على الوجود بشكل دائم فى المركز الصحفى الذى اقامته الوزارة بفندق شيراتون، ومتابعة كل صغيرة وكبيرة تهم الصحفيين والاعلاميين.
وستظل الديمقراطية على الطريقة الكويتية علامة مهمة فى تطور الحياة النيابية العربية، خاصة أن مجلس الأمة الجديد أمامه مهام خطيرة فى ظل التحديات الاقتصادية والأمنية التى تواجه الكويت، بالتعاون مع الحكومة الجديدة، وسط امنيات من الجميع بأن ينجح فى ذلك.