كم كنت أنحاز إلي الموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية. في ملاحظاتهم علي القانون القديم. التي تلافاها المشرع في القانون الجديد.. وكم سعدت بحالة الحوار المجتمعي التي أعقبت المشروع الأول. ولازمت المشروع المعدل حتي جاء مرضيًا لممثلي الشعب.. محققًا للهدف المنشود في ترسيخ ثقافة الخدمة المدنية بين شاغلي الوظيفة العامة. في منظومة تراعي التوازن المطلوب بين حقوقهم وواجباتهم. بحيث يكون لدينا في النهاية جهاز إداري كفء قادر علي خدمة المواطنين.
وكم تساءلت: لماذا لايسبق الحوار المجتمعي. إصدار التشريع. أو إقرار الضوابط. أو الإجراءات. حاملاً بذلك هموم الموظفين.. آملاً أن يتحقق المراد من النص بما يخدم صالح العمل. ويرتقي بمستوي الأداء.
صدر قانون الخدمة المدنية. وألقيت الكرة في ملعب الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة. وجاء التحدي الأصعب: التوافق حول اللائحة التنفيذية. بحيث تأتي محققة لما قصده المشرع.. ثم التطبيق الدقيق. للقانون ولائحته.. وهنا تجب الإشادة بما يبذله المستشار الدكتور محمد جميل رئيس الجهاز. الذي تمتد ساعات عمله إلي ساعة متأخرة من الليل. لتوفير الضمانات اللازمة لإنجاح الجهاز الإداري للدولة تحت مظلة القانون الجديد.
فتح الدكتور جميل. باب الحوار حول اللائحة التنفيذية للقانون الجديد. من خلال ورشة عمل لممثلي الجهات المختصة. وعبر الموقع الإلكتروني.. وفي ذلك مبادرة مثمرة إذا أحسن الموظفون المختصون استغلالها. وتجاوبوا معها.
لكن. ما أخشاه. أن يكون الموظفون المعنيون قد أصابتهم حالة من السلبية. والتراخي. بل وباتوا من أرباب النوم في العسل. إلي أن تصدر اللائحة. فكما يقول المثل الشعبي: "السكوت علامة الرضا". وبعد ذلك نسمع آهاتهم من هنا. وأنينهم من هناك. وعبارات لوم وعتاب لمن أصدر اللائحة بعيدًا عنهم.. في محاولة لتبرير تقصيرهم سواء بالمشاركة الإيجابية في الحوار المجتمعي. أو فهم مقاصد المواد تهربًا من المسئولية.
أتمني علي الجهات المخاطبة بقانون الخدمة المدنية. تشكيل لجان متخصصة لبحث مدي ملاءمة مواد اللائحة لواقع العمل. في ضوء ما أراده المشرع. واقتراح التعديلات اللازمة. وإرسالها إلي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.. وإن لم تعبأ الجهات بذلك. فينبغي علي الموظفين المختصين ألا يأخذوا موقف المتفرج. وأن يقوموا بدورهم وينقلوا معاناتهم الواقعية. بحيث تتم مراعاة ملاحظاتهم» فالمسألة لا تحتاج سوي الدخول علي الموقع الإلكتروني. وتدوين المقترح.
تحية واجبة للمستشار محمد جميل. الذي يسعي لبث روح جديدة. مفعمة بالوطنية والإخلاص. والجدية والشفافية. والعدالة الحاسمة. في الجهاز الإداري للدولة من خلال تيسير فهم القوانين. وإصدار الكتب الدورية حول الأمور الملتبسة.