السرقة هى السبب فى عدم وصول الدعم إلى مستحقيه، تلك هى التيمة التى تستند إليها الحكومة فى تبرير ما اتخذته، وما تنوى اتخاذه من قرارات تتعلق بخفض الدعم. آخر كلام فى هذا السياق جاء على لسان وزير المالية، حين قال: «إن غالبية الدعم يذهب إلى الأغنياء دون حصول محدودى الدخل على حقوقهم»، مشيراً إلى أن الحكومة لن تتراجع عن خطتها فى ترشيد دعم المواد البترولية. الحكومة تريد أن تحمى فقراء المصريين من سرقة الأغنياء لهم، وتصل إليهم بالدعم خالصاً مخلصاً!. منذ عدة أسابيع، وهناك حملة إعلامية ركيكة تعزف على تيمة «هنضحك على بعض لإمتى؟!.. الدعم لازم يوصل لمستحقيه».. لست أدرى مين يضحك على مين.
هل استفاق المصريون من قرار زيادة أسعار البنزين والسولار الذى اتخذته الحكومة منذ بضعة أسابيع، حتى يحدثنا وزير المالية الآن عن موضوع خفض الدعم على المشتقات البترولية؟. من الواضح أن ثمة قراراً بخفض جديد لدعم هذه المشتقات يتم ترتيبه، من الوارد أن تتخذه الحكومة قبل زيارة التفتيش الأولى التى سيقوم بها صندوق النقد الدولى أوائل شهر مايو 2017، والذريعة ثابتة «إيصال الدعم إلى مستحقيه»!. بمجرد أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم، اتخذ قراراً بتخفيض الدعم على المشتقات البترولية والكهرباء، قيل وقتها إنه وفر عشرات المليارات من الجنيهات على الدولة. والسؤال: هل وصلت هذه المليارات التى وفرتها الحكومة من الدعم إلى من يستحق؟، وإذا كان ذلك كذلك، فمطلوب أن تشرح لنا الحكومة كيف حققت ذلك؟!. لقد أشارت عدة تقارير اقتصادية إلى أن العجز فى الموازنة العامة ارتفع بعد قرارات تعويم الجنيه والزيادة الجديدة فى أسعار المشتقات البترولية التى اتخذتها أوائل الشهر الحالى. الأمر الذى يمنحك مؤشراً بأننا أمام «حكومة ملخبطة»، كل همها سد العجز فى الموازنة والوصول به إلى نسبة 10%، معتمدة فى ذلك على جيب المواطنين!.
فلتتخذ الحكومة ما تشاء من قرارات، لكن عليها أن تؤدى بعد ذلك بصورة تقنع المواطنين. وفّرت مليارات الجنيهات من خفض الدعم، زعماً بأنه لا يصل إلى مستحقيه.. من يستحقون الدعم الآن بالملايين، فماذا أعطيتهم؟!. اتخذت قراراً بتعويم الجنيه، ضرباً للسوق السوداء، التى وصل فيها سعر الدولار إلى 18 جنيهاً، فماذا فعلت؟. سعر الدولار الآن يتجاوز الـ18 جنيهاً، والعديد من المؤشرات تشير إلى ارتفاعات جديدة متوقعة فى سعره، البنوك الحكومية والخاصة تحولت إلى سوق سوداء، بديلة لشركات الصرافة. ماذا يعنى ذلك؟. إنه يعنى ببساطة أن الحكومة غير قادرة على السيطرة بسبب عجزها عن إدارة المشكلات. إنها تتخذ القرارات، ثم تضع يدها على خدها فى انتظار فرج الله، وفرج الله لا يأتى لبشر لا يسعون فى الأرض. أحوال المواطن المعيشية تسوء يوماً بعد يوم، وأوضاع مصر الاقتصادية تشهد حالة من التدهور غير المسبوق. واستمرار هذا النمط من الأداء يعنى أن عبارة «تمتع بالسيئ، فالأسوأ مقبل» نافذة للغاية فى تفسير المشهد الحالى الذى نعيشه.