المساء
مؤمن الهباء
مع الوزير.. ضد الحكومة
أضم صوتي بكل قوة إلي صوت وزير الزراعة د. عصام فايد في رفضه قانون التصالح في مخالفات البناء علي الأراضي الزراعية خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير وأدعوه أن يظل علي موقفه هذا اثناء مناقشة القانون في مجلس النواب.. ربما يدخل في مشاكل بسبب هذا الموقف.. وربما يكلفه منصبه.. لكنه سيدخل به التاريخ من أوسع أبوابه لأنه اختار الموقف الوطني الصحيح.. ولم يستسلم أمام أصحاب المصالح.
نعرف جميعا أن قوانين التصالح مع المجرمين والناهبين لثروات البلاد والمفسدين صارت موضة هذه الأيام.. ولكنها قوانين سيئة السمعة.. ترفع شعار افسد واسرق واحتكر وارتش.. ثم ادفع جزءا مما حصلت عليه للدولة وعفا الله عما سلف.. وخطورة التصالح بهذا الشكل أنه يتغاضي عن الجريمة نفسها ويتفاوض علي نتائجها.. مع ان العقوبات في كل القوانين مقررة علي الجريمة وليس علي نتائجها فقط.
وطبقا لما نشرته الصحف فقد أعلن وزير الزراعة في اجتماع مجلس الوزراء ان قانون التصالح في مخالفات البناء علي الأرض الزراعية يسمح باتساع رقعة التعديات علي الأراضي الزراعية خلال فترة مناقشته وحتي اقراره وبعد ذلك أيضا.. وهو ما يهدد ثروة مصر الحقيقية من الأراضي الزراعية القديمة في الوادي والدلتا.. كما أنه يخالف المادة 29 من الدستور التي تؤكد علي حماية الدولة للرقعة الزراعية وزيادتها.. كما يزيد مشروع القانون من مخالفات التعديات علي الرقعة الزراعية الخصبة بالوادي والدلتا ويعرقل اتجاه الدولة نحو زيادة الانتاج وسد الفجوة من المحاصيل الرئيسية.
وذهب وزير الزراعة لما هو أبعد من ذلك.. فطالب الحكومة باجراء تعديلات علي القوانين الحالية لتشديد العقوبات علي المتعدين بالبناء.. وتصنيف الجريمة من جنحة إلي جناية.. مع منح وزارة الزراعة أو من تفوضه سلطة اصدار قرار بالإزالة الفورية علي نفقة المخالف دون انتظار لحكم محكمة.. وعدم التصالح اطلاقا في مخالفات التعديات ووجود تنفيذها وعدم سقوطها بالتقادم.
كما طالب الوزير بإنشاء شرطة متخصصة لردع المخالفين وحماية الأراضي علي غرار شرطة المسطحات المائية وشرطة الكهرباء والسياحة والآثار والبيئة والمرافق والتموين تكون مهمتها ضبط المخالفين ومصادرة المعدات المستخدمة وتوفير الغطاء الأمني للقائمين علي الإزالة.. بعد أن وصلت التعديات الآن إلي أكثر من مليون و600 ألف حالة علي مساحة تتجاوز 155 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية.
يقيني أن كلام الوزير لن يعجب الحكومة ولن يعجب أعضاء مجلس النواب الذين لا يهمهم إلا رضاء الناخبين عنهم ولو كان هؤلاء الناخبون مخالفين ومتعدين علي الأرض الزراعية.. وعندي احساس اتمني ألا يكون صحيحا ان الوزير في النهاية سيرضخ للضغوط.. فالرجل ليس وسعه مهما بلغ أن يقف وحده في مواجهة الحكومة والبرلمان معا.. لذلك ارجو ان تسارع وزارة الزراعة إلي تشكيل جمعيات أهلية للحفاظ علي الأرض الزراعية تكون عونا لها في هذه المعركة.. كما يمكن تعويض المتعدين جزئيا ولفترة بسيطة بتوفير قطع أرض بناء في المناطق الصحراوية بنصف ثمنها.. كي نحل أزمة المواطن الذي يريد أن يبني بيتا له ولأولاده.. وهو تمدد طبيعي ليس بوسع أحد أن يوقفه وإنما بوسع الحكومة أن ترشده وتخطط له.
هل يرضيكم أن نكون الدولة الوحيدة في العالم التي تبني علي أرض زراعية ثم تدفع مليارات الجنيهات لاستصلاح الأرض الصحراوية للزراعة.. أليس هذا اهدارا للطاقات والموارد ومضيعة للثروة الزراعية التي لا تعوض؟!
هيا بنا نناشد جميع الشرفاء في هذا البلد الوقوف مع وزير الزراعة واقناع الحكومة والبرلمان بأن التصالح في مخالفات البناء علي الأرض الزراعية جريمة في حق الوطن ومستقبل الأجيال القادمة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف