جلاء جاب اللة
صراخ الصامتين في مواجهة الشياطين
لم أتابع ولم أشاهد هذا الفيلم الشيطاني. الذي أذاعته قناة "الجزيرة" القطرية. عن جيشنا العظيم.. ولا أعرف محتواه. سوي من الكتابات والأحاديث التي أشارت إلي هذا الفيلم الخبيث. ولا يهمني أن أعرف.. لأنه لا جديد في دور هذه القناة المشبوه في المنطقة العربية.
في نفس الوقت تابعت بحزن شديد التعليقات الرائعة عن الفيلم. وتساءلت: هل نقول ما نعرفه لأنفسنا؟!.. إنه أشبه بحوار الصامتين. نحن ندافع عن جيشنا أمام مَن؟!.. أمام الشعب الذي هو الجيش. وكل ضباط وجنود الجيش من أبناء الشعب؟!.. هل شعبنا العظيم في حاجة إلي أن يسمع هذا الدفاع عن جيشه؟!.. الشعب المصري الذي وقف مع جيش مصر الذي قاده أحمد عرابي في مواجهة الخديو توفيق.. هو نفسه شعب مصر الذي ساند الملك فاروق في قرار الحرب دفاعاً عن فلسطين ــ برغم الخيانة بعد ذلك ــ وهو نفسه شعب مصر العظيم الذي ساند ثورة يوليو ..1952 فكانت ثورة جيش ساندها الشعب. لأنها عبَّرت عن الشعب. ولأن قادة الثورة هم أبناء الشعب.
شعب مصر هو نفسه الذي ساند عبدالناصر في حرب ..1956 وعندما ذهب عبدالناصر إلي الأزهر. وهتف في الناس. وخرجت جموع الشعب تهتف "هنحارب". فكان نصر لمصر في 23 ديسمبر 1956. وهزمنا الغُزاة الذين عرفناهم باسم العدوان الثلاثي علي مصر.
وفي 9 و10 يونيه 1967. خرج نفس الشعب رافضاً الهزيمة. ومتمسكاً بقادة جيش مصر البطل. ومعتبراً نكسة 67 مجرد هزيمة لمعركة.. وكانت بعدها حرب الاستنزاف. التي كانت حرباً حقيقية. كان الشعب فيها هو السند الحقيقي لجيش مصر البطل.. وفي 1973. كان جيش مصر علي موعد مع استرداد الكرامة. وحقق أعظم انتصاراته لشعب مصر. ومع شعب مصر.. وفي 2011 خرج الشعب في ثورته. وسانده الجيش.. وفي 30 يونيه 2013. خرج الشعب مسانداً لجيشه العظيم ضد جماعة أرادت أن تستحوذ علي الوطن.. هذا هو تاريخ مصر الحديث في حوار العطاء والبذل والتضحية والنصر بين شعب مصر وجيشه.. لأن الجيش جزء لا يتجزأ من الشعب!!
شعب مصر والشعب العربي كله يعرف تلك الحقيقة.. لذلك فإن كل ما يقال ويذاع وينشر. مجرد إعادة للـمُعاد.. وحوار الصامتين.. وقد يكون الصامتون أفهم وأكثر فهماً.. من بعض المتحدثين.
إذن.. أين القضية؟!!
القضية في أننا مازلنا بعيدين عن العمل الإعلامي الخارجي بحق.
كان لدينا هيئة الاستعلامات ودورها الكبير.. فتقلصت ميزانيتها بعد 2011. وتقلص دورها.
كان لدينا إذاعة صوت العرب. منبر العرب الإذاعي. وإذاعات موجهة يوم أن كانت الإذاعة هي المنفذ الإعلامي الأقوي للعالم كله.. وكانت الإذاعات الموجهة سلاح مصرياً ناعماً ورائعاً. ساندنا في دول عدم الانحياز. وفي دول أخري كثيرة.
اليوم نحن غائبون عن الإعلام سواء الإلكتروني أو الفضائي.
لدينا ألف موقع يخاطبنا بنفس لغتنا. ونفس مفرداتنا. ولا يوجد موقع يخاطب الآخر. المواقع الإلكترونية بالإنجليزية والفرنسية والألمانية والصينية والروسية وغيرها من اللغات الحية في حاجة إلي دعم ومساندة قوية من الدولة.
لا يهم أن يكون لدينا ألف موقع بالعربية. لأنها تواصل رحلة حوار الصامتين. بل نريد مواقع إلكترونية بكل اللغات الحية تخاطب الآخر وتشرح الحقيقة بكل أبعادها للآخر.
نريد فضائية مصرية خالصة.. فضائية بالعربية. وأخري بالإنجليزية. وثالثة بالفرنسية علي الأقل كمرحلة أولي. ليس مهماً مَن يُصدرها. أو مَن يُمولها.. المهم أن تكون منبراً حُراً صادقاً ونزيهاً معبراً عن شعب مصر. ويقدم رسالة مصرية صادقة بكل معاني الاحتراف والصدق والموضوعية أمام العالم كله.
.. أتمني لو أن الجهات المعنية بما فيها البرلمان المصري. يساند قيام شركة صحفية تضم مؤسسات دار التحرير والأهرام والأخبار كمرحلة أولي.. تساهم تلك المؤسسات الصحفية ذات الباع الطويل في مجال الصحافة الورقية. والصحافة الإلكترونية في تقديم الخدمة التليفزيونية الفضائية من خلال شركة استثمارية تضم شركات عن المؤسسات الثلاث. بحيث يمكن من خلال هذه الشركة إطلاق محطة فضائية إخبارية باللغات الثلاث كمرحلة أولي.. تكون منبراً صادقاً وموضوعياً ومهنياً معبراً عن الشعب المصري. ومنطلقاً من مؤسسات صحفية تملكها الدولة. ولكن لا تديرها. وأكد الدستور المصري علي استقلالية هذه المؤسسات. بما يعني أنها تعبر فقط عن الضمير المهني الوطني لشعب مصر الأصيل.
.. هذا الاقتراح الذي أقدمه اليوم ليس جديداً. وسبق أن عقدت جلسات عمل مطولة ضمت الدكتور أحمد النجار. رئيس مجلس إدارة الأهرام. والأستاذ ياسر رزق. رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم. وكاتب هذه السطور بصفته رئيس مجلس إدارة دار التحرير.. وهي أكبر مؤسسات الدولة الصحفية القومية.. وتحاورنا وتناقشنا مع أهل الاختصاص والفكر وأصحاب الخبرة في المجال التليفزيوني الفضائي. لنطلق قنوات فضائية إخبارية نساهم فيها بخبراتنا الصحفية والإعلامية كمؤسسات صحفية عريقة لها مراسلوها. ولها رجالها. ولها خبراتها.. غير أن الظروف المادية الصعبة والإمكانيات المالية غير المتاحة حالياً. لقلة السيولة. حالت دون تنفيذ هذا الأمل.
لقد تساءلت كثيراً: وهل هذا الأمل صعب علي شعب مصر العظيم؟!!.. أتمني لو أن نكتتب من خلال مساهمات شعبية في إطلاق فضائيات مصرية إخبارية باللغات الحية لنخاطب العالم في مكانه. ونحاوره بنفس لغته ونتناقش ونتحاور مع الآخر لتوضيح الصورة الحقيقية عن مصر. وسط الأكاذيب والمؤامرات التي تُحاك لنا وحولنا.
لا نريد تدخل الدولة في هذا المجال. ولا نريد أن نكلف خزينة الدولة أكثر مما هي فيه من إرهاق وسط هذه الظروف. ولكن أعتقد أننا لو نجحنا في إنشاء هيئة وطنية من المؤسسات الثلاث: الأهرام والأخبار ودار التحرير "الجمهورية".. وفتحنا باب الاستثمار والاكتتاب لمن يرغب في المشاركة والمساهمة بعدد من الأسهم. لكان لدينا ما يكفي لإطلاق هذه المحطة بشرط أن يديرها متخصصون خبراء من مصر والخارج. حتي تحقق أهدافها الإعلامية والوطنية. وبشرط ألا تحقق خسائر في المرحلة الأولي. إلي أن تصل إلي بر الأمان. وتحقق أرباحاً.. وهناك أفكار كثيرة في هذا المجال لمن يرغب أن يشارك.
إذا كانت الشياطين مستمرة في الهجوم علي مصر وشعبها وجيشها. فإن هذا الشعب قادر علي المواجهة والتمييز وتحقيق الإنجازات الإعلامية.
إنها مبادرة أتمني لو أن تجد صداها لدي شعب مصر حتي لا نعيش مرحلة حوار الصامتين ضد الشياطين.. بل نكون قوة إعلامية حقيقية في مواجهة الشياطين.. وبالفعل إذا حضرت الملائكة. فإنه حتماً ستهرب الشياطين.. هل هناك مَن يسمع. ومَن يرد؟!!