الأهرام
مرسى عطا الله
إعلاميون وزعماء!
لا أظن أننى أبالغ إذا قلت إن بعض ما يكتب على صفحات الصحف هذه الأيام وأيضا أغلب ما يقال على شاشات التليفزيون قد يكون فى ظاهره جرأة هى إحدى سمات حرية الصحافة والإعلام ولكن فى جوهره يعكس حالة مرضية بلغت حد فقدان الإحساس بالقدرة على التمييز بين الحق والباطل وبين ما هو عام وما هو شخصي!

وليس أخطر على أى وطن من اتساع مساحة الفوضى فى الممارسة الصحفية والإعلامية لأن ذلك يعنى تشجيعا لشريحة بأن تبقى على عنادها وإصرارها لمواصلة الانعزال عن أرض الواقع فلا يرون إلا ما يروق لهم حتى لو كان وهما زائفا.

إن الأوطان فى مراحل التحول ــ من نوع ما يمر به وطننا فى السنوات الأخيرة ــ لا تتحمل أن يسيطر على المشهد الإعلامى من يخلطون بين دورهم الإعلامى وأحلامهم فى الزعامة السياسية ويصل العناد لعقولهم إلى درجة الانغلاق الكامل على رؤى وأفكار بعينها لا تخلو من شبهة الرغبة فى تغييب العقول لحساب عواطف التهييج والإثارة ودغدغة المشاعر بغية صنع فرقعات مؤقتة تدمر أكثر مما تبنى وتفرق أكثر مما تجمع وتهدد أكثر مما تحمي.

وبئس من يفهمون الحرية على أنها مجرد حرية التعبير الذى يوفر حق الصراخ بالأقلام والأفواه وإنما الحرية تتأكد من خلال توظيفها كمدخل آمن لبناء الحوار الموضوعى الذى يساعد المجتمع على تقريب المسافات وليس تضخيم التناقضات لأن ذلك هو السبيل لحماية الأوطان من مخاطر الانفلات... وكل الديمقراطيات الناشئة التى سمحت ــ ولو بقدر محدود ــ لتيارات الفوضى الإعلامية بالانتشار والتمدد انتهت نهاية مأساوية ودفعت بشعوبها إلى الكفر بالديمقراطية... وهذا ما لا ينبغى أن نسمح به مهما تكن دعاوى من يبدون قلقهم من انفلات الصحافة والإعلام ويتأهبون لسن السكاكين لذبحها بتخزين المزيد من ذخائر الهجوم وتأكيد مبررات التحريض التى نصنعها بأيدينا!

خير الكلام:

<< نحن من يصنع غرور البعض عندما نعطى قيمة لمن لا قيمة له!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف