الوطن
حافظ أبو سعدة
الإفراج عن ضحايا قانون التظاهر
لا يختلف أحد فى مصر الآن على أن قانون التظاهر يخالف الدستور لا سيما أن القانون صدر قبل إقرار الدستور الجديد، الذى أقر الحق فى التظاهر السلمى دون قيود، وأحال للقانون تنظيم ممارسة هذا الحق، القاعدة التى أرستها المحكمة الدستورية المصرية فى الكثير من أحكامها هى أنه إذا أقر الدستور حقاً من الحقوق وأحال إلى القانون تنظيم ممارسة هذا الحق فلا يجوز أن يصادر القانون أصل هذا الحق، أو أن يقيده بأى قيد وإنما فقط هى قواعد تنظيمية، وبالتالى فإن أى مخالفة للقواعد التنظيمية لا يجب أن تبالغ السلطة التشريعية فى العقاب عليها استناداً إلى ضرورة التناسب بين الجريمة والعقاب، وهى قاعدة أصولية أيضاً من أصول فلسفة التجريم والعقاب.

فالعقوبات فى هذا القانون مشددة جداً، حتى إنه قد صدرت أحكام بموجب هذا القانون بالحبس ثلاث سنوات وخمس سنوات على متظاهرين سلمياً لم يثبت استخدامهم للعنف أو مقاومة السلطات، حتى أثناء القبض عليهم، بل إن علاء عبدالفتاح كان خارج البلاد عندما صدر قرار بالضبط والإحضار وعاد فوراً من سفره ليسلم نفسه للسلطات وهو واثق ببراءته من أى اتهامات بما فى ذلك الأكاذيب الخاصة باستيلائه على سلاح أو مدفع المدرعة أمام ماسبيرو، وهو أمر لم يثبت فى التحقيقات، وهى من الشائعات الكاذبة للأسف، فالثابت من خلال ملفات القضايا هو التظاهر سواء أمام مجلس الشورى أو محكمة عابدين أثناء التحقيقات مع أحمد ماهر ومحمد عادل.

قد نتفهم الظروف التى صدر فيها القانون عندما اختلطت المظاهرات السلمية مع تلك التى استخدم فيها العنف المسلح لمنع المؤسسات التعليمية والحكومية من القيام بوظيفتها وقد استخدم العنف فى كثير من هذه المظاهرات فى تلك الفترة عقب ثورة 30 يونيو، لكن أيضاً شهدت هذه الفترة القبض العشوائى عن الشباب والمواطنين حتى أولئك الذين لم يتورطوا فى عنف، ومع ذلك كان للمجلس القومى لحقوق الإنسان من اللحظات الأولى نقد جوهرى للقانون وعقوباته المشددة، وتوقعنا أن يساق الأبرياء إلى السجون بموجب هذا القانون، ولم يستجب أحد لهذه الملاحظات.

أبرز الأمثلة على ذلك فى الحقيقة علاء عبدالفتاح وأحمد دومة وأحمد ماهر وأحمد عبدالرحمن وغيرهم العشرات ممن لا يحضرنى أسماؤهم لأذكرها، لكن هذه الأسماء للأسف أذكرها، لأن البعض وضع على أسمائهم فيتو بأنهم لن يكونوا ممن يشملهم قرار السيد رئيس الجمهورية بالعفو، تتفق مع آرائهم أو تختلف، فإنهم لم يتورطوا فى أى عنف أو التحريض على العنف، وإنما كانت تظاهراتهم سلمية، فبعضهم قُبض عليه أثناء مظاهرة معروفة ومشهورة، هى تظاهرة مجلس الشورى، ولم يكن فى هذه المظاهرة أى مظاهر عنف، بل قبض على بعضهم أثناء بدء المظاهرة أمام بوابات مجلس الشورى.

وعد رئيس الجمهورية بالإفراج عن الشباب لا يجب أن يستثنى منه أحد فالمواطنون أمام القانون سواء، والعفو الرئاسى حق دستورى لكل من ينطبق عليه شروط العفو، وأهم شرط كان هو عدم ارتكاب جرائم عنف ودم، وهو ما ينطبق على الشباب المتهمين فى قضية مجلس الشورى أو قضية التظاهر أمام محكمة عابدين، وكل المشاركين فى المظاهرات السلمية وفى الحقيقة، فإن القائمة الأولى ضمت عدداً لا بأس به من شباب الإخوان ممن لم يتورطوا أيضاً فى العنف، وهذا عدل وحق، وليس منة على أحد، فعلى اللجنة التى شكلها السيد رئيس الجمهورية أن تضع أسماء هؤلاء على القائمة الثانية، ليشملهم قرار الرئيس بالإفراج عن ضحايا قانون التظاهر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف