أحمد سعيد طنطاوى
مليون جنيه لا يكفى العباقرة
الأمل والمستقبل والأموال كانت هناك فى قلعة صلاح الدين الأيوبى.. تنتظر مجموعة من الشباب المخترعين المصريين، تجمع العباقرة ليقدموا للدولة المصرية بعضًا من الأفكار التى تعمل على تطورها وتطورهم.
ففى معرض القاهرة الدولى الثالث للابتكار 2016.. اجتمع نحو 200 مخترع مصرى، الكبير والصغير، الشاب والكهل، الباحث المدعوم من كلية أو مركز بحثى.. والحر المدعوم من جيبه الخاص.. الكل اجتمع لكى يقدموا اختراعاتهم.. لعلهم يصلون بأملهم إلى نيل جائزة مادية تروى عندهم الأمل وتجعله يزهر وينمو.
حضور ممثلين من الحكومة كان جيدًا، فالتقدير المعنوى مطلوب لهؤلاء المخترعين.. والتقدير الرسمى مطلوب أيضًا.. فحضور وزيرين مثل الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى والبحث العلمى.. والدكتور خالد العنانى وزير الآثار، بالتأكيد شىء مثير لشاب يبلغ 16 عامًا، أو أقل.. عندما يرى تكريم الدولة، كذلك وجود فضيلة الشيخ الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية السابق، أضفى نكهة خاصة على المعرض.
قابلت فى القلعة على أشرف؛ شاب اخترع لوحًا بلاستيكيًا ذكيًا يطفو على المياه لينقذ السباحين عن طريق ساعة يلبسها السباح فى يده بينما يظل اللوح يدور حوله فى دائرة قطرها نحو 3 أمتار وفى حالة الخطر يضرب السباح الساعة بيده فيأتى إليه اللوح البلاستيكى ليتمسك به.
وقابلت أيضا نور عبدالمقصود وآلاء علوى وياسمين سعيد وهن من معهد الوفاء الأزهرى بحلوان ويشاركن بماكيت عن مدينة المستقبل وقد صممن فى المدينة فكرة غريبة بعض الشىء للمواصلات، حيث ينتقل السكان فى المدينة عن طريق أنابيب هوائية تعمل بالدفع الهوائى.
وليس مهمًا أن تكون الفكرة غريبة، فلم يكن أحد يتوقع أن تطير طائرة من الحديد وزنها عدة أطنان وأن تطفو سفينة وتغوص غواصة ونخترع الموبايل.. كل الأفكار المجنونة صارت عبقرية بعد عدة سنوات.
وتعرفت على فريق من جامعة الإسكندرية اسمه lycons اخترع طائرة مساعدات إنسانية، تحاكى الطائرة الأصلية.. وسعدت عندما علمت أنهم فازوا بالمركز الـ 13 فى أمريكا.. ثم زادت سعادتى عندما علمت أنهم سيشاركون فى نفس المسابقة فى بداية العام المقبل وهم هذه المرة مصممون على الفوز وسيتداركون بعض الأخطاء.. رأيت التحدى فى عيونهم والقوة فى صوتهم والإصرار ينطلق من أياديهم.
لم أسألهم عن سر نجاحهم فالنجاح بلا أسرار.. فلا هو وصفة طبية أو خرزة زرقاء أو تعويذة شيخ مدعٍ، وإنما هو عمل وجد واجتهاد بنسبة 99 فى المائة والباقى حظ.
ولأن الأمل يحتاج إلى طاقة وخاصة تلك الطاقة المستمدة من النقود.. ترويه وتنميه لكى يطرح نجاحًا جديدًا.. فالأمل يُعدى، والنجاح يُعدى.. فكان لابد من الجوائز.. والجوائز مجتمعة كانت بقيمة مليون جنيه.. وهى من وجهة نظرى غير كافية لمخترعين شباب لديهم من الطاقات الكثير.. ولكنها أحسن من لاشىء وخطوة كبيرة فى الاتجاه الصحيح من مؤسسة كبيرة مثل أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا.. برئاسة الدكتور محمود صقر.
فالشكر موصول إلى الأكاديمية على تنظيمها هذا الحدث.. وشكرا لمن اختار قلعة صلاح الدين لتكون مكانا رمزيا لانتصار عباقرة مصر.