المصريون
جمال سلطان
رؤية مصرية من أمريكا .. نحن على شفا النكسة !
هذه رسالة وصلتني من مواطن مصري مهاجر في الولايات المتحدة الأمريكية ، يحاول فيها أن يعطي وجهة نظر ـ من بعيد ـ لحال البلد ، والخطر الذي يستشفه إذا استمرت الأمور على النحو الذي يمضي الآن ، يقول ما نصه الذي أنقله حرفيا : القيادة السياسية الحالية بمصر ورثت تركة ثقيلة، خربة ومدمرة على يد حسني مبارك ورجاله وهي في صراع مع هذه التركة فقط لمحاولة جمع شتات الدولة ومنعه من البعثرة ويعينه على ذلك، للآن، رفض المصريين لهذه البعثرة، غير أن التركة أقوى من كل أمنيات وكل محاولات، فما الحال والقيادة الحالية غير مدربة وغير متخصصة في مواجهة الأزمات الملحة التي تفرض نفسها كل دقيقة على متخذ القرار؟ لا حل إذن سوى المعالجات الأمنية. فكل من يحاول فتح فمه للشكوى أو للتعبير عن الرفض يتهم بتعطيل المسيرة ومن ثم يعتقل ويحاكم، كيف لا ونحن في حالة حرب مع هذه التركة التي تكاد تهدد مصير الدولة المصرية كما لم يحدث من قبل عبر تاريخها الطويل؟ غير أن العجيب حقا هو أنه يتم حل كل هذه المشكلات دون الرجوع لأصل الداء وهو محاربة الفاسدين والمفسدين بل وتدليلهم ومحاولة إستقطابهم بالإغراءات في محاولة من القيادة لتأمينهم وطمأنتهم طمعا في أن يعيدوا بعض ما ابتلعوه في صورة "استثمارات" ربما تعين الحال الاقتصادي المزري الذي ورثته القيادة، وهي أخبار تترى تراها كل يوم في الإعلام الأمني الذي لا يستحي من نشر الخبر وضده في نفس الصفحة! غير أن ما يثير حقا هو أن كل الإجراءات الاقتصادية التي يتخذها النظام السياسي تحت شعار أنها قرارات هامة ومصيرية وأحجمت القيادات السابقة عن اتخاذها ولابد منها الأن وإلا فالسقوط حتمي لا محالة، إنما هي إجراءات شاهدناها من قبل في بداية الألفية الحالية ولنفس الأسباب وقد أدت لنفس النتائج غير أن القرارات الحالية ستتراكم نتائجها إلى نتائج القرارات السابقة مفاقمة الوضع بكل تأكيد وعليه فعبارة لا جديد تحت الشمس هنا تصبح وصفا للواقع وبابا للحل. إن كل ما يحدث الأن بمصر، ما نقرأه ونسمعه عنها من إعلامها، وما نقرأه عنها من الإعلام الخارجي (الغربي) الأكثر رصانة وتقديراً للمسؤولية ليؤكد أن الأوضاع في مصر مضطربة إلى حد كبير ويرجع هذا بنسبة كبيرة إلى سوء الإدارة (التعليم مرة أخرى، فقد دمر مبارك الكوادر القادرة على إنتاج القيادات الوسيطة والعليا) وعدم فهم العالم الجديد ومتغيراته والأهم أدواته الأكثر تأثيراً. الدمار الاقتصادي الحادث في مصر أمر معقول ومنطقي، لا، بل وغيره هو اللا معقول واللامنطقي، إذا ما تذكرنا سريعا أنها دولة لا توجد بها أي مقومات صناعية أو زراعية حديثة يمكن أن يعتد بها أو أن تتبجح بالقول أنها تنتمي إلى تكنولوجيات القرن الحادي والعشرين! دع عنك أي مقومات علمية أو تعليمية؛ ويستعاض عن كل هذا إما بالغناء للأمجاد الغابرة أو بتسخير الأعداد الكبيرة المتاحة في أعمال يدوية يمكن للتكنولوجيا أن توفر مجهوداتهم وعنائهم لأمور أخرى أكثر نفعاً وجدية. كل هذه التحديات لا يمكن أبداً أن تكون عذرا لوأد الحريات وقمع الحقوق واعتقال شباب مصر تحت أي ذريعة وأي مسمى فهم من سيتحمل ويدفع فاتورة كل المغامرات السياسية والاقتصادية التي تدخلها مصر يوميا على أيدي أبنائها ممن لا يملكون الخبرات الكافية للاضطلاع بالدور الذي هم فيه لقيادة الدولة خلال القرن الحالي. إن الحال بمصر الآن، وحال إعلامها بالذات، والبذاءات التي طالت أذاننا وسباب بعض الدول العربية ومن على رأسها (بصرف النظر عن الموقف منهم) بالأم والأب والتعيير بالماضي والحاضر إنما ليحملني حملاً على مقارنة وضع مصر الآن بوضعها قبيل كارثة (هزيمة) يونيو 1967 والشبه بينهم كبير كبير، غير أن عدو اليوم (عدم قدرتنا على فهم المتغيرات الآنية والحديثة وتطور العصر ومواكبته) ستكون ضربته لنا أشد وأمضى وأبقى تأثيراً. انتهت رسالة القارئ ـ حاتم حجاب ـ الولايات المتحدة الأمريكية

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف