سكينة فؤاد
عن المقاتلين العظام.. ونجيب محفوظ.. والإمارات
أن نبنى الوطن القوى المستعصى على الكسر، المستقوى والمعتصم بالله وبقواه الذاتية.. ذلك هو الرد الأبلغ والأعظم مع الكارهين والحاقدين والصغار من أدوات وعملاء القوى الاستعمارية الصهيونية والأمريكية.. الوطن الذى يزداد صلابة بتماسك أبنائه.. الشعب وجيشه الوطنى.. أهم مكونات معادلة القوة المصرية عبر تاريخها الطويل والعميق.. وما حدث من تطاول على مصر وجيشها ليس إلا حلقة جديدة فاشلة وتافهة من محاولات الانتقام مما فعله عشرات الملايين من المصريين فى 30/6، عندما أوقفوا استكمال مخطط العنف الخلاق وإعادة تقسيم وترسيم حدود المنطقة بدماء أبنائها ـ هذا المد العظيم لثورة المصريين فى 25 يناير، والذى دعمه وحماه جيش الشعب.. للاسف أن البعض لا يدرك أن هناك اشياء لا تشترى، لا التاريخ ولا العزة والكرامة والوطنية وعشق تراب الوطن التى تجرى مجرى الدماء فى عروق المصريين.
قراءاتى للتاريخ تعيد تأكيد أن مصر لا تكسر من الخارج أبدا.. وأن الضعف والتهديد لا يأتيها إلا من داخلها عندما يعم الفساد والاستبداد وقهر الإنسان والاستهانة بكرامته واستحقاقاته المبدئية فى الحياة الكريمة والعزيزة ويسود التمييز فى حقوق المواطنة وفى سيادة وتطبيق القانون وسائر ما عانته مصر قبل الثورة ومازالت تعانى ميراثه الثقيل، هذه هى معاركنا الحقيقية التى يجب أن نلتفت إليها ليرتفع البناء الذى يحدث فى مصر الآن صلبا وقويا وتواصل قدرة التصدى والانتصار على المعارك والحروب التى فرضت على مصر عبر تاريخها الذى يضرب جذوره فى الزمن والحضارة بعمق آلاف السنين وثمنا لكل ماحباها الله من عناصر قوة وقدرة وثراء بشرى وطبيعى.. هذه الحروب التى نواجهها منذ سنوات واحدة من أشرسها وأكثرها انحطاطا واستحلال لجميع أساليب الحروب الجديدة.
> سلام على المقاتلين العظام الذين كانوا دائما جيوشا للحق وللردع وللتأمين والدفاع.. والقادمين من أعماق الشعب ومن جذوره الأكثر أصالة وامتدادا فى الارض والتاريخ، والذين قال عنهم سيد الخلق صلوات الله عليه وسلامه «اذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندا كثيفا فإن هذا الجند خير أجناد الأرض».
> والحفاظ على الوطن القوى والقادر على التصدى لحروب ومعارك الغدر والحقد والكراهية ومحاولات استكمال تفجير ما تبقى صامدا بأيدى العملاء والوكلاء الإقليميين هو ما يضاعف فروض حماية العقل المصرى من مواصلة اختراقه وتضليله من جماعات واصحاب الدعوات المظلمة والظالمة والتى تتخذ من الدين الحنيف غطاء لأطماعها وتطلعاتها السياسية وتخاريفها العقائدية.. تزداد الكارثة عندما يلوح أن هذا الفكر يعشش فى بعض رءوس تحمل مسئولية من أخطر مسئوليات هذا الوطن وهى تراقب السلطة التنفيذية وتشرع القوانين بالإنابة عن الشعب وتبدو عاجزة عن التفرقة بين الفن والإبداع وخدش الحياء!! وإدراك أن الثقافة.. والفن والإبداع هى من أعمدتها الاساسية كانت ويجب أن تظل من أهم مصادر قوة مصر وكما كانت عبر تاريخها وفى مواجهة ما مر بها من محن وتحديات وغزاوات.
لو كان أديبنا العظيم نجيبب محفوظ حيا بيننا لمات حزنا وحسرة على مجلس نيابى يوجد به مثل هذا الفكر، وهذا النائب الذى لو قرأ لعرف كيف صنع أدب نجيب محفوظ تغيرات بالغة الأهمية فى المجتمع المصرى وكيف غير السيد عبد الجواد والسيدة أمينة بطلا بين القصرين وقصر الشوق والسكرية كثيرا من الصور التقليدية لأنماط ونماذج مريضة لأزواج ورؤاهم ومواقفهم المتناقضة من الزوجة والمرأة عموما.. ولو قرأ سيادة النائب رائعة الأستاذ نجيب محفوظ »بداية ونهاية« لأدرك معني وأهمية التشريع الاجتماعي والانساني لمختلف طبقات المجتمع والظلم الاجتماعي التي تنسحق تحته والمفارقات والصدمات التي يصنعها الأدب العظيم ليحدث التطهير الروحي والنفسي واعادة اكتشاف القاريء حوله والثورة علي القهر والظلم وافتقاد العدالة والرحمة والعشق للحق والخير والجمال.مازال السؤال الذي يؤرقني ـ كيف لمثل هذا الفكر وأمثاله أن يشرع لمجتمع يتطلع بعد ثورته في 25 يناير ومدها العظيم في 30/6 إلي ثورة في الفكر والقوانين؟!!
> تهنئة لدولة الامارات شعبا وقيادات عربية أصيلة بالعيد الخامس والأربعين لذكري التأسيس ورفع سمو الشيخ زايد بن سلطان علم دولة الاتحاد علي قصر المنهل إيذانا بتجمع ووحدة طرحت نموذجا عربيا رائعا للأسف لم تستطعه الدول العربية حتي في تكوين قوة عسكرية موحدة!!!. ولدولة الامارات مكانة وذكري خاصة عندي فهي تؤرخ للبدايات المبكرة لعملي الصحفي عندما سافرت إليها ـ كانت السيدة أم كلثوم مدعوة لاحياء الحفل الضخم الذي تقرر اقامته احتفالا بالحدث العربي الكبير ـ وجاءتني دعوة لأكون بين الوفد الصحفي الذي سيغطي الحدث الضخم وحفل سيدة الغناء. وكانت زيارة لا تنسي. وعلي قدر ما زرت من بلدان فقد تركت أثرا بالغا وعميقا مازلت أري وقائعه رؤية العين لروعة ما حدث ولدماثة ورقة وتهذيب البشر وسعادته الغامرة بما يحدث علي أرضهم. كانت الحياة والعمران تتفتح في رحاب الصحاري المترامية والتي أقيم فوقها مسرح ضخم خصيصا لتقف عليه سيدة الغناء والتي كانت قد شاركت أثناء رفع الشيخ زايد العلم الاتحادي علي قصر المنهل.وجرت الأيام وعدت أكثر من مرة زائرة لدولة الامارات ولامارة دبي علي وجه التحديد أثناء مشاركتي في عضوية مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية لأجد سباقا وانتصارات مدهشة لفنون زراعة الحياة والتقدم والحداثة والتنافس العلمي والمصرفي بل أيضا في إسعاد واستقرار واطمئنان الانسان ودون تمييز بين أبناء الامارات والزوار والمقيمين والعاملين هناك.. الامارات العزيزة شاهدتها صحاري مترامية وشاهدتها حضارة وبناء وعمرانا يحققها شعب وقيادات يقدمون نموذجا لما كان يمكن أن يكون عليه العالم العربي إذا ما توافر بين دوله ما توافر بين أبناء الامارات من احترام وايمان بقوة اتحاد اماراتهم، والعمل بإيمان واخلاص واصرار لتحقيق أفضل استثمار للثروة وللبشر.وقفة دولة الامارات إلي جانب مصر وثورتها والعلاقات الوثيقة التي تربط الدولتين والتي توجها مشاركة الرئيس السيسي في أعيادها تقديرا وامتنانا للدعم غير المحدود الذي قدمته الامارات لتتجاوز مصر كثيرا من التحديات التي وضعت في طريقها ـ عكست نموذجا للأصالة العربية ولمواقف الكبار في هذه الأمة الذين يدركون أن مصر تمثل القلب النابض لها، وأن سلامتها وقوتها تعني سلامة وقوة الأمة كلها والتي لخصتها عبارة شهيرة للشيخ زايد «إن نهضة مصر نهضة للعرب كلهم». منذ خمسة وأربعين عاما عندما شاركت سيدة الغناء العربي في رفع العلم الاتحادي أثناء احتفالات التأسيس وقدمت التهنئة للشيخ خليفة بن سلطان ـ ترجمت حلما عربيا عاشت عليه الأمة عشرات السنين قالت وهي تهنيء بإعلان وحدة الامارات «عقبال علم الوحدة العربية» ولم يتحقق أمل سيدة الغناء وملايين العرب، وكيف كان يمكن لقوي الاستعمار الصهيوني والأمريكي أن تتركه يتحقق!! ولكن هل كان يمكن أن يفعلوا أي شيء إن لم نقدم بأيدينا ما أتاح لهم أن يفعلوا ما فعلوه بهذه الأمة؟!!