الأخبار
يوسف القعيد
لماذا الآن؟!
عندما أكتب عن مصير مصر ومسارها والمآل الذي ينتظرها. لا بد أن أكون محدداً. ويصبح الحرف مثل الطريق الذي يوصل من شاطئ لشاطئ آخر بالسلامة.
> آلم قلبي وثقل علي روحي ما قامت به قطر- التي كانت شقيقة- تجاه جيش مصر العظيم. حملت لنا الأنباء أنهم ينفذون فيلماً جديداً عن القضاء المصري. لم أشاهد ما فعلوه بنا لأني بذلك أحقق لهم ما يريدون. ومعلوماتي عن فيلم: العساكر مأخوذة ممن سعوا وشاهدوه.
> العساكر تعبير مرفوض. وصف به جيشنا في أزمنة الاحتلال أيام المماليك والعثمانيين. كان يقال: العسكر. وهو تعبير يجافي الوطنية المصرية. وكلما سمعته أحسست بأن أذنيَّ ترفضان التعامل معه.
> الموضوع الذي يدور حوله الفيلم أطلقوا عليه: التجنيد الإجباري. تعبير يصل لحدود الجريمة. لا يمكن أن يجبر المصري علي الدفاع عن وطنه. ومن المستحيل أن يساق رغم أنفه. وأقصي ما يقال عنه: التجنيد الإلزامي. وحتي الإلزامي أفهمها بمعني أن يلزم المصري نفسه بالدفاع عن بلاده. أي إلزام آتٍ من الداخل ولم يفرض من الخارج. فحب مصر فرض علي كل مصري. والفرضية تختلف عن علاقة أي إنسان بوطنه. كله إلا مصر.
> لكل توقيت أسبابه. وسؤالي: لماذا يتحركون الآن؟ مستهدفين جيشنا، شرفنا، ومبرر وجودنا وحبه والدفاع عنه فرض عين علي كل مصري.
> سمعت أن الولايات المتحدة الأمريكية- قبل الحكم الحالي- تحدثت أكثر من مرة عن إلغاء التجنيد الإجباري في الجيش المصري. ورفض الكلام ولم يناقش لأنه تدخل مريب في أخص علامات السيادة الوطنية. تدخل مرفوض من حيث المبدأ.
> هل للأمر علاقة بكامب ديفيد مع العدو الإسرائيلي؟ أتصور هذا، رغم أنني لا توجد لديَّ معلومات. ودليلي ما قاله هنري كيسنجر بعد أن جاء مصر سنة 1974، وقابل رئيس مصر، وقال لمن رافقوه في رحلة العودة: إنه لن يطمئن لوجود سلام بين مصر وإسرائيل، ولا لانتهاء الصراع العربي الإسرائيلي إلا بعد وجود صراعات بديلة. وحدد عدداً من الصراعات لكل دولة عربية علي حدة. وفي المقدمة منها مصر.
> السؤال الذي ليس من حق خصومنا: لماذا تحتاج مصر جيشاً بهذا الحجم؟ وصحف العدو الإسرائيلي كتبت الأسبوع قبل الماضي منزعجة من تسليح الجيش المصري، ومما ينفق عليه. وقال من كتبوا المقال أن عقيدة هذا الجيش القتالية تحيرنا.
> لن أردد ما كتبه غيري من المصريين عن جيشنا. واعتباره واحداً من أهم جيوش العالم. ولن أجري وراء الأرقام. أي رقم يحتله جيشنا وسط جيوش الدول المتقدمة من حيث التسليح والتدريب والارتباط بكل منجزات العصر العلمية.
> الأهم أن هذا الجيش كان جزءاً من نسيج الوطنية المصرية. لم يواجه شعبه أبداً. ولم يكن جيشاً غازياً أو محتلاً في تاريخه. كان الدفاع عن الوطن مشروعه الأساسي منذ الأزل وسيبقي إلي الأبد.
> ما من حلم مصري كبير عبر تاريخنا الطويل إلا وكان الجيش المصري جزءاً من الحلم ومنفذاً له. ويقف في الطليعة أمام كل فصائل الوطن.
> لماذا أتكلم عن الجيش وكأنه كيان غيرنا. جيش مصر هو أهل مصر جميعاً. المجند ابني وشقيقي وأخي وزميلي وبلدياتي. والضابط قطعة من فؤادي نقابله في الشارع فتحدث رجفة في القلب. نتمني له السلامة لأننا نعيش حياتنا بفضل وقوفه ساهراً يدافع عنا وعن حدودنا وعن أمننا وأماننا.
> جيشنا حمانا في الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو. والرئيس عبد الفتاح السيسي عندما غامر مغامرة عمره الكبري المحسوبة بدقة. وخلصنا من الإخوان كان يستند لتأييد شعبي لم يحدث في تاريخ مصر. والتأييد كان له وللقوات المسلحة التي التفت حوله.
> أتمني أن ندرس أمرين مهمين. الأول: حجم الإقبال الذي لم يحدث في التاريخ علي دخول الكليات العسكرية من شباب مصر. الثاني: أعداد ونوعيات الضباط من الأشقاء العرب الذين تدربوا في جيشنا وتعلموا عندنا. وحصلوا علي شهاداتهم من بلادنا. ما من دولة عربية إلا وجاء ضباطها لنا. وفي المقدمة منهم دولة قطر. وإن كنت أخشي أن يكون هذا الأمر من الأسرار الإستراتيجية لجيشنا العظيم.
> مؤخراً أضاف الجيش المصري لما قدمه لمصر عسكرياً إضافات مهمة في العمل المدني. ساعد في حل مشاكلنا المدنية. ووقف بجوار المصريين لتدبير غذائهم وكسائهم وحياتهم اليومية. المواطن المصري العادي يتحدث الآن- ولأول مرة- عن أداء وانضباط الجيش باعتباره المخرج الوحيد لمشاكلنا الكثيرة.
> أعود لسؤالي الأول: لماذا الآن؟ العام بعد القادم سيشهد أول استثمارات للغاز. والاكتشافات البترولية الأخيرة ستعطي ثمارها قريباً. وهذا يعني بالنسبة لخصومنا أن مصر المأزومة ستقف علي قدميها. وأن مصر المطاردة بمشاكلها ستقول: هأنذا. وهذا يزعج الخصوم ويحاولون وضع العراقيل أمامنا من الآن.
> لن ننسي تعبير كيسنجر القديم: إن المصريين لا بد أن يعيشوا علي الحافة. لا يجوعوا لدرجة الثورة الشعبية الكبري. ولا تشبع حتي لا تفيض علي من حولها. هكذا واجهوا مصر عبد الناصر. وهكذا يحاولون الآن مواجهة وعرقلة مصر عبد الفتاح السيسي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف